الفيلسوف، ومن تلاميذه عشرات من هذه الطبقة كما سترى من ترجمته الآتية بعد**, وكتابه "العواصم من القواصم"، من خيرة كتبه، ألفه سنة 536 هـ, وهو في دور النضج الكامل بعد أن امتلأت الأمصار بمؤلفاته وبتلاميذه الذين صاروا في عصرهم أئمة يهتدى بهم، وهذا الكتاب في جزئين متوسطي الحجم، ومبحث الصحابة الذي نقدمه لقرائنا هو أحد مباحث جزئه الثاني من صـ 98 إلى صـ 193 من طبعة المطبعة الجزائرية الإسلامية في مدينة قسنطينة بالجزائر سنة 1347, كان قد وقف على تلك الطبعة شيخ علماء الجزائر الأستاذ عبد الحميد بن باديس رحمه الله، ومما يؤسف له أن الأصل الذي اعتمد عليه في تلك الطبعة كان مكتوبًا بقلم ناسخ غير متمكن، فوقعت فيه تحريفات لفظية وإملائية حرصنا على ردها إلى أصلها، بل إن النسخة المخطوطة التي طبعت عليها طبعة الجزائر يظهر أن المجلِّد وضع بعض ورقاتها في غير موضعها، فأرجعناها إلى ما دل عليه السياق في القول، والترتيب في المسائل، وفيما عدا ذلك التزمنا الأمانة في عرض الكتاب إلى أقصى غاية، وعلقت على كل بحث منه بما يزيده وضوحًا، مقتبسًا ذلك من أوثق المراجع وأمهات الكتب الإسلامية المعتمدة، مبينًا في كل نص مأخذه بكل أمانة ووضوح.

وأرجو أن يجزل ثواب الإمام ابن العربي على دفاعه هذا عن أصحاب رسول الله الذين حملوا معه صلى الله عليه وآله وسلم أعظم رسالات الله، وكانوا أصدق أعوانه على تبليغها في حياته وبعد أن اختاره الله إليه، بل كانوا سبب كياننا الإسلامي، ولهم ثواب انتمائنا إلى هذه الملة الحنيفية السمحة التي لا عيب لها غير تقصيرنا في التخلق بآدابها في أنفسنا، وتعميم سننها في بيوتنا ومجتمعنا وأسواقنا ومحاكمنا ودور حكمنا، وعسى أن يكون في قراء هذا الكتاب من يعاهد الله على أن يكون خير منا عملًا وأصح منا علمًا، وعلى الله قصد السبيل.

محب الدين الخطيب*

طور بواسطة نورين ميديا © 2015