الحمد لله الذي أنعم على الإنسانية برسالة الإسلام، وصلى الله وسلم على الإنسان الأعلى، والمعلم الأكمل، محمد بن عبد الله صفوته من خلقه، وأعلى مقامَ الذين قاموا بتحقيق رسالته، ممن تشرفوا بصحبته، وأحسنوا الخلافة على أمته، ومن واصلوا عملهم بعدهم، ملتزمين سنتهم، ومتحرين أهدافهم، إلى يوم الدين.
وبعد فإن هذا العالم الإسلام الذي نعتز بالانتساب إليه، ونعيش لإسعاده والسعادة به، قد افتتح أكثره في الدولة الإسلامية الأولى بعد الخلفاء الراشدين، ودخل معظم شعوبه في هداية الإسلام على أيدي الخلفاء الأمويين وولايتهم وقواد جيوشهم؛ إتمامًا لما بدأ به صاحبا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وخليفتاه الأولان -أبو بكر وعمر- سلام الله عليهما، ورضي عنهما وأرضاهما، وأحسن جزاءهما عنا وعن الإسلام نفسه وجميع أهله.
وإن حادثة انتشار الإسلام، ودخول الأمم فيه، أصبحت في ذمة التاريخ، والأجيال التي أتت بعد ذلك إلى يومنا هذا منهم من يفتخر بذلك، ويمتليء قلبه سرورًا به، ويدعو بالخير لمن كانوا سبب هذا الخير العظيم، ومنهم من ابتأس به، واملأ فؤاده حقدًا على الذين علموا فيه، وجعل من دأبه أن يصمهم بكل نقيصة.
وقد نذر الذين لم يذوقوا حلاوة الإسلام، وحالت البيئة بينهم وبين الأنس بعظمته، وشريف أغراضه، وسيرة الذين قاموا به، إذ نظروا إلى