حسبما أمر به صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه (?) . وكل منهم عظيم القدر مجتهد، وفيما دخل فيه مصيب مأجور، ولله فيه حكم قد أنفذه، وحكم في الآخرة قد أحكمه وفرغ منه. فاقدروا هذه الأمور مقاديرها، وانظروا بما قابلها ابن عباس وابن عمر فقابلوها، ولا تكونوا من السفهاء الذين يرسلون ألسنتهم وأقلامهم بما لا فائدة لهم فيه، ولا يغني من الله ولا من دنياهم شيئًا عنهم.
وانظروا إلى الأئمة الأخيار وفقهاء الأمصار، هل أقبلوا على هذه الخرافات وتكلموا في مثل هذه الحماقات؟ بل علموا أنها عصبيات جاهلية وحمية باطلة، ولا تفيد إلا قطع الحبل بين الخلق، وتشتيت الشمل واختلاف الأهواء - وقد كان ما كان، وقال الإخباريون ما قالوا فإما سكوت، وإما اقتداء بأهل العلم وطرح لسخافات المؤرخين والأدباء. والله يكمل علينا وعليكم النعماء برحمته.
نكتة وعجبًا لاستكبار الناس ولاية بني أمية، وأول من عقد لهم الولاية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه ولى يوم الفتح عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية مكة - حرم الله وخير بلاده - وهو فَتِيُّ السن قد أبقل أو لم يبقل. واستكتب معاوية بن أبي سفيان أمينًا على وحيه، ثم ولى أبو بكر يزيدَ بن أبي سفيان - أخاه - الشام. وما زالوا بعد ذلك يتوقلون في سبيل المجد، ويترقون في درج العز، حتى أنهتهم الأيام إلى منازل الكرام.