قد أدخل عن يزيد بن معاوية في (كتاب الزهد) أنه كان يقول في خطبته: " إذا مرض أحدكم مرضًا فأُشفي ثم تماثل، فلينظر إلى أفضل عمل عنده فليلزمه ولينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه " وهذا يدل على عظيم منزلته عنده حتى يدخله في جملة الزهاد من الصحابة والتابعين الذين يُقْتَدَى بقولهم ويُرْعَوَى من وعظهم، ونعم. وما أدخله إلا في جملة الصحابة، قبل أن يخرج إلى ذكر التابعين. فأين هذا من ذكر المؤرخين له في الخمر وأنواع الفجور، ألا تستحيون؟ ! وإذ سلبهم الله المروءة والحياء، ألا ترعوون أنتم وتزدجرون، وتقتدون بالأحبار والرهبان من فضلاء الأمة، وترفضون الملحدة والمجان من المنتمين إلى الملة: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 138] والحمد لله رب العالمين.
وانظر إلى ابن الزبير بعد ذلك وما دخل فيه من البيعة له بمكة، والأرض كلها عليه. وانظروا إلى ابن عباس وعقله وإقباله على نفسه. وانظروا إلى ابن عمر وسنه وتسليمه للدنيا ونبذه لها. ولو كان للقيام وجه لكان أولى بذلك ابن عباس، فإن ولدي أخيه عبيد الله قد ذكر أنهما قتلا ظلمًا (?) . ولكن رأى بعقله أن دم عثمان لم يخلص إليه، فكيف بدم ولدي عبيد الله! وإن الأمر راهق (?) قد خرجا عنه حفظًا للأصل، وهو اجتماع أمر الأمة وحقن دمائها وائتلاف كلمتها. ودع الأمر يتولاه أسود مجدع