(وَقَالَا: يُصَلِّي الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ» رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. قُلْنَا: فَعَلَهُ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى فَلَمْ يَكُنْ سُنَّةً، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَحْدَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْمَوَاشِي وَخَشِينَا الْهَلَاكَ عَلَى أَنْفُسِنَا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقًا مُغْدِقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ، قَالَ الرَّاوِي: مَا كَانَ فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، فَارْتَفَعَتْ السَّحَابُ مِنْ هَاهُنَا وَمِنْ هَاهُنَا حَتَّى صَارَتْ رُكَامًا، ثُمَّ مَطَرَتْ سَبْعًا مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ، ثُمَّ دَخَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ وَالسَّمَاءُ تَسْكُبُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبُنْيَانُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُمْسِكَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَلَالَةِ ابْنِ آدَمَ. قَالَ الرَّاوِي: وَاَللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ خَضِرًا، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، فَانْجَابَتْ السَّحَابَةُ عَنْ الْمَدِينَةِ حَتَّى صَارَتْ حَوْلَهَا كَالْإِكْلِيلِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ الدُّعَاءِ»
(وَقَالَا: يُصَلِّي الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ) فِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ، وَالصَّلَاةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. (قُلْنَا) إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى الْجَوَازِ وَنَحْنُ لَا نَمْنَعُهُ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّهَا سُنَّةٌ أَوْ لَا، وَالسُّنَّةُ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَاهُنَا (فَعَلَهُ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى فَلَمْ يَكُنْ) فِعْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ تَرْكِهِ حَتَّى يَكُونَ مُوَاظَبَةً فَلَا يَكُونُ (سُنَّةً) فَإِنْ قِيلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ مُتَنَاقِضٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا وَلَمْ تُرْوَ عَنْهُ الصَّلَاةُ ثُمَّ قَالَ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَرْوِيَّ لَمَّا كَانَ شَاذًّا فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى جَعَلَهُ كَأَنَّهُ غَيْرُ مَرْوِيٍّ. قَوْلُهُ (وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَحْدَهُ) يَعْنِي أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ،