(قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةٌ مَسْنُونَةٌ فِي جَمَاعَةٍ، فَإِنْ صَلَّى النَّاسُ وُحْدَانًا جَازَ، وَإِنَّمَا الِاسْتِسْقَاءُ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] الْآيَةَ، «وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْقَى وَلَمْ تُرْوَ عَنْهُ الصَّلَاةُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ]
أَخَّرَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ عَنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةٌ مَسْنُونَةٌ فِي جَمَاعَةٍ، فَإِنْ صَلَّى النَّاسُ وُحْدَانًا جَازَ وَإِنَّمَا الِاسْتِسْقَاءُ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] وَرُوِيَ أَنَّ قَوْمَ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا كَذَّبُوهُ بَعْدَ طُولِ تَكْرِيرِهِ الدَّعْوَةَ حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْقَطْرَ وَأَعْقَمَ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ سَبْعِينَ سَنَةً، فَوَعَدَهُمْ أَنَّهُمْ إنْ آمَنُوا رَزَقَهُمْ اللَّهُ الْخِصْبَ وَرَفَعَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا عَلَيْهِ.
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ شَرَائِعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرَائِعُ لَنَا إذَا قَصَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَهَذَا كَذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْقَى وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ الصَّلَاةُ، وَإِنَّمَا الْمَرْوِيُّ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي ذَلِكَ الدُّعَاءُ. رَوَى أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّاسَ قَدْ قَحَطُوا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -