لِزَوَالِ مَنْ يَتَقَدَّمُهُمْ أَوْ يُزَاحِمُهُمْ.
(وَإِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَعَلَى قَوْمِهِ وَتَدْخُلُ الْعَاقِلَةُ فِي الْقَسَامَةِ إنْ كَانُوا حُضُورًا، وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ الْأَيْمَانَ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا قَسَامَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ أَخَصُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَأَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا عَوَاقِلُهُمْ. وَلَهُمَا أَنَّ الْحُضُورَ لَزِمَتْهُمْ نُصْرَةُ الْبُقْعَةِ كَمَا تَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّارِ فَيُشَارِكُونَهُ فِي الْقَسَامَةِ.
قَالَ (وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ مَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ) لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ يُزَاحِمُ صَاحِبَ الْكَثِيرِ فِي التَّدْبِيرِ فَكَانُوا سَوَاءً فِي الْحِفْظِ وَالتَّقْصِيرِ فَيَكُونُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ بِمَنْزِلَةِ الشُّفْعَةِ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي فِي يَدِهِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ (لِزَوَالِ مَنْ يَتَقَدَّمُهُمْ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ (أَوْ يُزَاحِمُهُمْ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ أَوْ خَلَصَتْ لَهُمْ،
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ) يَعْنِي إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِهَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. وَفِي الْقَسَامَةِ رِوَايَتَانِ: فَفِي إحْدَاهُمَا تَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، وَفِي الْأُخْرَى عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُرَى مِنْ التَّدَافُعِ بَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ هَاهُنَا فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَعَلَى قَوْمِهِ بِحَمْلِ ذَاكَ عَلَى رِوَايَةٍ وَهَذَا عَلَى أُخْرَى. وَحُكِيَ عَنْ الْكَرْخِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ كَانَ يُوَفِّقُ بَيْنَهُمَا وَيَقُولُ: الرِّوَايَةُ الَّتِي تُوجِبُهَا عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَوْمُهُ غُيَّبًا، وَالرِّوَايَةُ الَّتِي تُوجِبُهَا عَلَى قَوْمِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانُوا حُضُورًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا إذَا كَانُوا حُضُورًا وَيُوَافِقُهُ رِوَايَةُ فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ وَمَا بَعْدَهُ ظَاهِرٌ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ إلَخْ) أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ عِنْدَ وُجُودِ الْقَتِيلِ يَتَعَلَّقُ بِوِلَايَةِ الْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَرْكِ الْحِفْظِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وِلَايَةُ الْحِفْظِ بِالْيَدِ وَالْمِلْكُ سَبَبُهَا، وَقَالَا: وِلَايَةُ الْحِفْظِ تُسْتَفَادُ بِالْمِلْكِ؛ فَإِذَا وُجِدَا فِي وَاحِدٍ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْمِلْكُ وَلِلْآخَرِ الْيَدُ كَانَ اعْتِبَارُ الْيَدِ عِنْدَهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ الْحَقِيقِيَّةَ ثَبَتَتْ بِهَا وَعِنْدَهُمَا اعْتِبَارُ الْمِلْكِ وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى دَارًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ فِيهِ الْخِيَارُ؛ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ: أَيْ الْمَذْكُورُ وَهُوَ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَعَلَى الَّذِي