قَالَ (وَمِنْ الْعَيْنِ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مِنْ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَضَى بِذَلِكَ. وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَضَى بِالدِّيَةِ فِي قَتِيلٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» . وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ قَضَى مِنْ دَرَاهِمَ كَانَ وَزْنُهَا وَزْنَ سِتَّةٍ وَقَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ. قَالَ (وَلَا تَثْبُتُ الدِّيَةُ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا مِنْهَا وَمِنْ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَمِنْ الْغَنَمِ أَلْفَا شَاةٍ، وَمِنْ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنَ لَبُونٍ مَكَانَ ابْنِ مَخَاضٍ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْخَطَأِ (وَقَوْلُهُ وَمِنْ الْعَيْنِ) يَعْنِي الذَّهَبِ (أَلْفُ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ) يَعْنِي وَزْنَ سَبْعَةٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مِنْ الْوَرِقِ: أَيْ الْفِضَّةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ. وَلَنَا أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَضَى بِالدِّيَةِ فِي قَتِيلٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» فَتَعَارَضَا فَيَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ تَأْوِيلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ قَضَى مِنْ دَرَاهِمَ كَانَ وَزْنُهَا وَزْنَ سِتَّةٍ، وَقَدْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ كَذَلِكَ إلَى عَهْدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَبْطَلَ عُمَرُ ذَلِكَ الْوَزْنَ. وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: رَوَى عُمَرُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ كَذَلِكَ: يَعْنِي إلَى عَهْدِ عُمَرَ وَذَلِكَ تَنَاقُضٌ. وَالثَّانِي أَنَّ وَزْنَ سِتَّةٍ يَزِيدُ عَلَيْهِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَلَا يَكُونُ التَّأْوِيلُ كَذَلِكَ صَحِيحًا.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَنْقُولَ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزْنُ الدَّرَاهِمِ وَزْنَ سِتَّةٍ ثُمَّ صَارَ وَزْنَ سَبْعَةٍ، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤْخَذُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَزْنُ سَبْعَةٍ أَيْضًا وَلَا تَنَاقُضَ حِينَئِذٍ. وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي مَبْسُوطِهِ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ وَزْنَ سِتَّةٍ إلَّا شَيْئًا، إلَّا أَنَّهُ أُضِيفَ الْوَزْنُ إلَى سِتَّةٍ تَقْرِيبًا، وَقَوْلُهُ (وَلَا تَثْبُتُ الدِّيَةُ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (وَمِنْ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَمِنْ الْغَنَمِ أَلْفَا شَاةٍ، وَمِنْ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةً كُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ) وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ: قِيمَةُ كُلِّ بَقَرَةٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَقِيمَةُ كُلِّ شَاةٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ. وَقِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، قَالَ الْمُصَنِّفُ: كُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ، قِيلَ هُمَا إزَارٌ وَرِدَاءٌ هُوَ الْمُخْتَارُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَقِيلَ فِي دِيَارِنَا