لَمْ تَتَغَلَّظْ لِمَا قُلْنَا.

قَالَ (وَقَتْلُ الْخَطَأِ تَجِبُ بِهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْقَاتِلِ) لِمَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ. قَالَ: (وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَخْمَاسًا عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً) وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَخَذْنَا نَحْنُ وَالشَّافِعِيُّ بِهِ لِرِوَايَتِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي قَتِيلٍ قُتِلَ خَطَأً أَخْمَاسًا» عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ، وَلِأَنَّ مَا قُلْنَاهُ أَخَفُّ فَكَانَ أَلْيَقَ بِحَالَةِ الْخَطَإِ لِأَنَّ الْخَاطِئَ مَعْذُورٌ، غَيْرَ أَنَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقْضِي بِعِشْرِينَ ابْنَ لَبُونٍ مَكَانَ ابْنِ مَخَاضٍ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيَاسًا لِأَنَّهُ يَأْبَى التَّغْلِيظَ، لِأَنَّ عَمْدَ الْإِتْلَافِ وَخَطَأَهُ فِي بَابِ الْغُرْمِ سَوَاءٌ، وَلَا دَلَالَةَ لِئَلَّا يَبْطُلَ الْمِقْدَارُ الثَّابِتُ بِصَرِيحِ النَّصِّ بِالدَّلَالَةِ. وَقَوْلُهُ (لِمَا قُلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ التَّوْقِيفَ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ (لِمَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ) يَعْنِي فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ. قَالَ (وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَخْمَاسًا) قِيلَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ كَانَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ فِي الْخَطَأِ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى الْمِائَةِ لَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي سِنِّهَا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: عِشْرُونَ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً. وَبِهِ أَخَذْنَا نَحْنُ وَالشَّافِعِيُّ، لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَضَى فِي قَتِيلٍ قُتِلَ خَطَأً أَخْمَاسًا» عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَوْجَبَ أَرْبَاعًا: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَالْمَقَادِيرُ لَا تُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا لَكِنَّ مَا قُلْنَا أَخَفُّ وَكَانَ أَوْلَى بِحَالِ الْخَطَأِ لِأَنَّ الْخَاطِئَ مَعْذُورٌ (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَبِهِ أَخَذْنَا وَالشَّافِعِيُّ: يَعْنِي أَنَّهُ يَقْضِي بِعِشْرِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015