قَالَ (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُسَلَّمًا إلَى الْمُضَارِبِ وَلَا يَدَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ) لِأَنَّ الْمَالَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْعَمَلَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَخْلُصَ الْمَالُ لِلْعَامِلِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ. أَمَّا الْعَمَلُ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَوْ شَرَطَ خُلُوصَ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا لَمْ تَنْعَقِدْ الشَّرِكَةُ، وَشَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ خُلُوصَ يَدِ الْمُضَارِبِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْمَقْصُودُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ عَاقِدًا أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ كَالصَّغِيرِ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ ثَابِتَةٌ لَهُ، وَبَقَاءُ يَدِهِ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُضَارِبِ، وَكَذَا أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَأَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا دَفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ صَاحِبِهِ لِقِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِدًا، وَاشْتِرَاطُ الْعَمَلِ عَلَى الْعَاقِدِ مَعَ الْمُضَارِبِ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ يُفْسِدُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمُضَارَبَةِ فِيهِ كَالْمَأْذُونِ، بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ أَنْ يَأْخُذَا مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً بِأَنْفُسِهِمَا فَكَذَا اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِمَا بِجُزْءٍ مِنْ الْمَالِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَمَلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ مَعْنَاهُ مَانِعٌ عَنْ تَحَقُّقِهِ.
قَالَ (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مُسَلَّمًا إلَى الْمُضَارِبِ إلَخْ) لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مُسَلَّمًا إلَى الْمُضَارِبِ وَلَا يَدَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ بِتَصَرُّفٍ أَوْ عَمَلٍ، لِأَنَّ الْمَالَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ مِنْ جَانِبٍ وَالْعَمَلَ مِنْ جَانِبٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّخَلُّصِ لِلْعَمَلِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَبَقَاءُ يَدِ غَيْرِهِ يَمْنَعُ التَّخَلُّصَ.
وَأَمَّا الشَّرِكَةُ فَالْعَمَلُ فِيهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَلَوْ شَرَطَ خُلُوصَ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا انْتَفَى الشَّرِكَةُ وَشَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مُفْسِدٌ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْخُلُوصَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُضَارِبُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْمَقْصُودُ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَالِ عَاقِدًا أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ كَالصَّغِيرِ إذَا دَفَعَ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ مَالَهُ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ ثَابِتَةٌ لَهُ، وَبَقَاءُ يَدِهِ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُضَارِبِ، وَكَذَا أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَأَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ إذَا دَفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ صَاحِبِهِ فَسَدَتْ لِقِيَامِ مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِدًا، وَإِذَا شَرَطَ الْعَاقِدُ الْغَيْرُ الْمَالِكِ عَمَلَهُ مَعَ الْمُضَارِبِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمُضَارَبَةِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ إذَا دَفَعَا مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَا الْعَمَلَ مَعَ الْمُضَارِبِ جَازَتْ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ أَنْ يَأْخُذَا مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً فَكَانَا كَالْأَجْنَبِيِّ، فَكَانَ اشْتِرَاطُ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا بِجُزْءٍ مِنْ الْمَالِ جَائِزًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ كَالْمَأْذُونِ يَدْفَعُ الْمَالَ مُضَارَبَةً فَسَدَتْ، لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا وَلَكِنَّ يَدَ تَصَرُّفِهِ ثَابِتَةٌ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى التَّصَرُّفِ