فَيَظْهَرُ الْفَضْلُ عَلَى ذَلِكَ فَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا، لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْمُسْتَحَقُّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْخَالِي عَنْ عِوَضِ شَرْطٍ فِيهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَفَاوُتًا عُرْفًا، أَوْ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ سَدَّ بَابِ الْبِيَاعَاتِ، أَوْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ» وَالطَّعْمُ وَالثَّمَنِيَّةُ مِنْ أَعْظَمِ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ، وَالسَّبِيلُ فِي مِثْلِهَا الْإِطْلَاقُ بِأَبْلَغِ الْوُجُوهِ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا دُونَ التَّضْيِيقِ فِيهِ فَلَا مُعْتَبَرَ بِمَا ذَكَرَهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّ كَيْلًا مِنْ بُرٍّ يُسَاوِي كَيْلًا مِنْ دُرٍّ مِنْ حَيْثُ الْقَدْرُ وَالصُّورَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ قَفِيزُ حِنْطَةٍ بِقَفِيزِ شَعِيرٍ يَتَسَاوَيَانِ صُورَةً لَا مَعْنَى. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ، وَعَلَّلْتُمُوهَا بِالْقَدْرِ وَالْجِنْسِ فَكَانَ ذَلِكَ تَعْلِيلًا لِإِثْبَاتِ الشَّرْطِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّعْلِيلَ لِلشَّرْطِ لَا يَجُوزُ لِإِثْبَاتِهِ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا بِطَرِيقِ التَّعَدِّيَةِ مِنْ أَصْلٍ فَيَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبِ الْمِيزَانِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّصَّ أَوْجَبَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ شَرْطًا فَأَثْبَتْنَاهُ فِي غَيْرِهَا تَعَدِّيَةً فَكَانَ جَائِزًا، فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْمُمَاثَلَةِ شَرْطًا وَهِيَ بِالْكَيْلِ وَالْجِنْسِ (يَظْهَرُ الْفَضْلُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْمُسْتَحَقُّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْخَالِي عَنْ عِوَضٍ شُرِطَ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَقْدِ قَالَ (وَلَا يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ كَمَا تَكُونُ بِالْقَدْرِ وَالْجِنْسِ تَكُونُ بِالْوَصْفِ.

وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ: وَلَا يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَفَاوُتًا عُرْفًا، فَإِنْ اسْتَوَتْ الذَّاتَانِ صُورَةً وَمَعْنًى تَسَاوَيَا فِي الْمَالِيَّةِ، وَالْفَضْلُ مِنْ حَيْثُ الْجَوْدَةُ سَاقِطُ الْعِبْرَةِ فِي الْمَكِيلَاتِ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَعُدُّونَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ بَابِ الْيَسِيرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا تَفَاضَلَا فِي الْقِيمَةِ فِي الْعُرْفِ (أَوْ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ سَدَّ بَابِ الْبِيَاعَاتِ) لِأَنَّ الْحِنْطَةَ لَا تَكُونُ مِثْلًا لِلْحِنْطَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالْمُرَادُ الْبِيَاعَاتُ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لَا مُطْلَقُ الْبِيَاعَاتِ؛ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ الْجَوْدَةِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لَيْسَ سَدَّ بَابِ مُطْلَقِ الْبِيَاعَاتِ أَوْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ» قَالَ (وَالطَّعْمُ وَالثَّمَنِيَّةُ) جَوَابٌ عَنْ جَعْلِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015