قَالَ (وَإِذَا صَحَّ الْوَقْفُ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِذَا اُسْتُحِقَّ مَكَانَ قَوْلِهِ إذَا صَحَّ (خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ يَنْفُذُ بَيْعُهُ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَهُ لَمَا انْتَقَلَ عَنْهُ بِشَرْطِ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَوْلُهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.
قَالَ (وَوَقْفُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَالَى فِي الزَّكَاةِ حَيْثُ يَتَحَقَّقُ التَّمْلِيكُ مِنْهُ فِي ضِمْنِ التَّسْلِيمِ إلَى الْفَقِيرِ. قَالَ (وَإِذَا صَحَّ الْوَقْفُ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ) أَيْ إذَا صَحَّ الْوَقْفُ عَلَى مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَهُمَا وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا هُوَ الْمَلْفُوظُ فِي الْأَصْلِ، وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ عِنْدَ الْكُلِّ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ: يَعْنِي عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ جَازَ لَهُ إخْرَاجُهُ مِنْ مِلْكِهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ، وَلَمَا انْتَقَلَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَكِنْ لَيْسَ كَذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ.
وَقَوْلُهُ (يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَبَقَ تَقْرِيرُهُ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا لَا يَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ الْحَاكِمُ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حَقِّ زَوَالِ الْوَقْفِ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَإِنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ، ثُمَّ الدَّلِيلُ الصَّحِيحُ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ الْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ شَرْطُهُ فِي صَرْفِ الْغَلَّةِ كَمَا إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَصْرِفَ غَلَّتَهُ إلَى كَذَا أَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا بِشَرْطِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ فُلَانٌ دُونَ فُلَانٍ، فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ هَاهُنَا إنَّمَا هُوَ فِي الصِّحَّةِ، وَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا فَإِنَّمَا هُوَ فِي اللُّزُومِ، وَالصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ اللُّزُومَ فَكَانَ الْقَوْلُ بِخُرُوجِ الْوَقْفِ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ إذَا صَحَّ الْوَقْفُ قَوْلَهُمَا لَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، إلَّا إذَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ خُرُوجُ الْوَقْفِ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ قَوْلَ الْكُلِّ. سَلَّمْنَا أَنَّ الصِّحَّةَ هَاهُنَا بِمَعْنَى اللُّزُومِ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّزُومِ الْخُرُوجُ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ مُعَرَّفٌ بِحَبْسِ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقِ بِالْمَنْفَعَةِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ عَنْ الْخُرُوجِ لَا مَحَالَةَ.