وَلِأَنَّ التَّرَفُّقَ بِأَدَاءِ الْأَفْعَالِ، وَالْمُتَمَتِّعُ مُتَرَفِّقٌ بِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ فِي سُفْرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.
قَالَ (: وَأَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالُ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) كَذَا رُوِيَ عَنْ الْعَبَادِلَةِ الثَّلَاثَةِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلِأَنَّ الْحَجَّ يَفُوتُ بِمُضِيِّ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَمَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ لَا يَتَحَقَّقُ الْفَوَاتُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِتْمَامِ فِي حَقِّ عَدَمِ الْفَسَادِ فَكَذَا فِي حَقِّ كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَمَتِّعٍ (؛ وَلِأَنَّ التَّرَفُّقَ) إنَّمَا يَكُونُ (بِأَدَاءِ الْأَفْعَالِ، وَالْمُتَمَتِّعُ هُوَ الْمُتَرَفِّقُ بِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ فِي سَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) فَلَا بُدَّ أَنْ تُوجَدَ الْأَفْعَالُ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا فِيهِ حَتَّى يَكُونَ مُتَمَتِّعًا. وَالْجَوَابُ عَنْ الشَّافِعِيِّ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ بَلْ هُوَ مِنْ الشُّرُوطِ
(قَالَ: وَأَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ هُوَ الَّذِي يَتَرَفَّقُ بِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ فِي سَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ احْتَاجَ إلَى أَنْ يُبَيِّنَ الْأَشْهُرَ فَقَالَ: أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ لِلْمُتَمَتِّعِ اخْتِصَاصٌ بِذَلِكَ أَوْ الْقَارِنُ أَيْضًا لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. قُلْت: قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَجَدْت رِوَايَةً فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقِرَانِ ذَلِكَ.
قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ جَمَعَ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ: أَيْ أَحْرَمَ ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ وَطَافَ لِعُمْرَتِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ قَارِنًا وَلَكِنْ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَذَا رُوِيَ عَنْ الْعَبَادِلَةِ الثَّلَاثَةِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) ، إنَّمَا فَصَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ الْعَبَادِلَةِ وَهْم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يُفْهَمُ فِي عُرْفِهِمْ مِنْ إطْلَاقِ الْعَبَادِلَةِ إلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، وَأَمَّا فِي عُرْفِ الْمُحَدِّثِينَ فَالْعَبَادِلَةُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَيْسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ؛ (وَلِأَنَّ الْحَجَّ يَفُوتُ بِمُضِيِّ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَمَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ لَا يَتَحَقَّقُ الْفَوَاتُ) وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى نَفْيِ قَوْلِ مَالِكٍ إنَّ وَقْتَ الْحَجِّ جَمِيعُ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ. وَفَائِدَةُ ذَلِكَ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ جَوَازِ تَأْخِيرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ إلَى آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ. فَإِنْ قُلْت: الْحَجُّ يَفُوتُ بِمُضِيِّ عَشْرِ لَيَالٍ وَتِسْعَةِ أَيَّامٍ فَلَا يَكُونُ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْ وَقْتِ الْحَجِّ. قُلْت: هُوَ مُتَمَسَّكُ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: فَوَاتُ الْحَجِّ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ وَهُوَ الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ مُوَقَّتٌ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ لَا لِأَنَّهُ خَرَجَ وَقْتُ الْحَجِّ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ طَوَافَ الزِّيَارَةِ مَخْصُوصٌ بِيَوْمِ النَّحْرِ لَا يَجُوزُ قَبْلَهُ وَهُوَ رُكْنٌ وَالرُّكْنُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ اعْتَبَرْتُمْ الْفَوَاتَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْ وَقْتِ الْحَجِّ، وَإِنْ اعْتَبَرْتُمْ أَدَاءَ الْأَرْكَانِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ وَقْتِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الزِّيَارَةِ يَجُوزُ فِيهِمَا، وَحِينَئِذٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ ذُو الْحِجَّةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ وَقْتِ الْحَجِّ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: الْمُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ الْعَبَادِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ: شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُمْ