بِأَهْلِهِ.
(وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَطَافَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْوَاطٍ ثُمَّ دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ فَتَمَّمَهَا وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ كَانَ مُتَمَتِّعًا) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَنَا شَرْطٌ فَيَصِحُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ أَدَاءُ الْأَفْعَالِ فِيهَا، وَقَدْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ
(وَإِنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَصَاعِدًا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا) ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْأَكْثَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِحَالٍ لَا يَفْسُدُ نُسُكُهُ بِالْجِمَاعِ فَصَارَ كَمَا إذَا تَحَلَّلَ مِنْهَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَمَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْتَبِرُ الْإِتْمَامَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا؛
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى مَكَّةَ وَلَيْسَ هَاهُنَا بِمَوْجُودٍ لِكَوْنِهِ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي مَكَّةَ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَوْدُ، وَإِذَا سَاقَ الْهَدْيَ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فَلَأَنْ لَا يَكُونَ إذَا لَمْ يَسُقْ كَانَ أَوْلَى.
وَقَوْلُهُ: (وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ) فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ: ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَإِنْ أَدَّى الْأَعْمَالَ فِيهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ مُتَمَتِّعٌ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ فِيهَا إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ عَنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ فِيهَا. وَقُلْنَا: إنْ أَدَّى أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فِيهَا كَانَ مُتَمَتِّعًا وَإِلَّا فَلَا. وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِتَقَدُّمِ رُكْنِ الْعُمْرَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ الْإِحْرَامُ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَوْجُودٌ بِاعْتِبَارِ الْإِتْمَامِ وَهُوَ التَّحَلُّلُ فِيهَا، وَلَنَا مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْإِحْرَامَ شَرْطٌ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ كَتَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ عَلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَالِاعْتِبَارُ بِأَدَاءِ الْأَفْعَالِ فِيهَا وَقَدْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ. قِيلَ: إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ نَصٌّ فَإِنَّ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ مِنْ الظُّهْرِ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْكُلِّ لِمُعَارَضَةِ النَّصِّ النَّاطِقِ بِرُبَاعِيَّةِ الظُّهْرِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ) ظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، وَأَرَادَ بِالنُّسُكِ الْعُمْرَةَ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ نُسُكَ الْعُمْرَةِ يَفْسُدُ إذَا جَامَعَ بَعْدَمَا طَافَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَلَمْ يَفْسُدْ بَعْدَ مَا طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ، فَإِنْ طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ صَارَ بِحَيْثُ لَا يَفْسُدُ نُسُكُهُ بِالْجِمَاعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ تَحَلَّلَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَوْ تَحَلَّلَ قَبْلَهَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا فَكَذَا هَذَا، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ هَذَا الْمَذْكُورُ حُجَّةً عَلَى مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْإِتْمَامَ وَهَذَا فِي حُكْمِ