مَبْعَثُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - «قَالُوا». عِندَمَا دُعُوا إِلَى الإِيْمَانِ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - «لَكَ مَا عَمِلنَا بَاطِلٌ» وَهُوَ كُفْرَهُمْ بِتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلُهُ: «فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسيرٌ». أَيْ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا «فَاسْتَأْجَرَ قَوْماً أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقْيَّةَ يَوْمِهِم». وَهُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - «فَعَمِلُوا بَقَيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ». أَيْ حَتَّى قِيَامِ السَّاعَة «وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيْقَينِ كِلَيْهِمَا». وَذَلِكَ بِإِيْمَانِهِمْ بِالأَنْبِيَاء الثَّلاَثَة.
* وَإِلَى مِثْلِ هَذَا الْمَعْنىَ ذَهَبَ ابْنُ حَجَر رَحِمَهُ الله فَقَالَ:
* فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنْ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِلْيَهُود: آمِنُوا بِي وَبِرُسُلِي إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ فَآمَنُوا بِمُوسَى إِلَى أَنْ بُعِثَ عِيسَى فَكَفَرُوا بِهِ وَذَلِكَ فِي قَدْرِ نِصْفِ الْمُدَّةِ الَّتِي مِنْ مَبْعَثِ مُوسَى إِلَى قِيَامِ السَّاعَة فَقَوْلُهُمْ لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمُ ْكَفَرُوا وَتَوَلَوا وَاسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُمْ وَهَذَا مِنْ إِطْلاَق الْقَول وَإِرَادة لازِمَه لأَن لازمَه تَرك الْعَمَل الْمُعَبر بِهِ عَنْ تَرْكِ الإِيْمَانِ وَقُولُهُم وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ إِشَارَةٌ إِلَى إِحْبَاطِ عَمَلِهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِعِيسَى إِذْا لاَ يَنْفَعُهُمْ الإِيْمَانُ بِمُوسَى وَحْدَهُ بَعْدَ بِعْثَةِ عِيسَى وَكَذَلِكَ الْقُولُ فِي النَّصَارَى إِلاَّ أَنَّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنْ مُدَّتَهُمْ كَانَتْ قَدْرَ نِصفِ الْمُدَّة فَاقَتَصَروا عَلَى نَحو الرُّبع مِن جَمِيع النَّهَارِ وَقَوْلُهُم: «وَلَكُمْ الَّذِي شَرَطت». زَادَ فِي رِوَايَة الإِسْمَاعِيلِي «الَّذِي شَرَطت لِهَؤلاَءِ مِنَ الأَجْرِ يَعْنِي الَّذِي قَبْلَهُمْ وَقَوْلُهُ فَإِنَّمَا بَقِي مِنَ النَّهَارِ شَيءٌ يَسِيرٌ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى مِنْهُ وَالْمُرَادُ مَا بَقِي مِنَ الدُّنْيَا وَقُولُهُ وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيْقَيْنِ أَيْ بِإِيْمَانِهِمْ بِالأَنْبِيَاء الثَّلاَثَة. (?)
*