وكان السيد أبو الحسن في هذا الباب الذي سلكه من الهجاء كما قال ولي إحسانه:
إذا لم تجد بداً من القول فانتصف ... بحد لسان كالحسام المهند
فقد يدفع الإنسان عن نفسه الأذى ... بمقوله، إن لم يدافعه باليد
ويقال: إن أهجى بيت قاله شاعر قول الأخطل في بني يربوع رهط جرير:
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم ... قالوا لأمهم: بولي على النار
لأنه قد جمع فيه ضروباً من الهجاء: فنسبهم إلى البخل بوقود النار لئلا يهتدي بها الضيفان، ثم البخل بإيقادها إلى السائرين والسابلة، ورماهم بالبخل بالحطب، وأخبر عن قلتها وأن بولة تطفئها، وجعلها بولة عجوز، وهي أقل من بولة الشابة، ووصفهم بامتهان أمهم وابتذالها في مثل هذه الحال، يدل بذلك على العقوق والاستخفاف، وعلى أن لا خادم لهم، وأخبر في أضعاف ذلك ببخلهم بالماء، وقال محمد بن الحسين بن عبد الله الأنصاري: إنه رماهم في هذا البيت بالمجوسية؛ لأن المجوس لا ترى إطفاء النار بالماء، ولا أدري أنا كيف هذا والبول ماء غير أنه ماء نجس قذر؟ وقيل لبني كليب: ما أشد ما هجيتم به؟ قالوا: قول البعيث:
ألست كليبياً إذا سيم خطة ... أقر كإقرار الحليلة للبعل
وكل كليبي صحيفة وجهه ... أذل لأقدم الرجال من النعل
وكان النابغة الجعدي يقول: إني وأوساً لنبتدر باباً من الهجاء، فمن سبق منا إليه غلب صاحبه، فلما قال أوس بن مغراء:
لعمرك ما تبلى سرابيل عامر ... من اللؤم ما دامت عليها جلودها
قال النابغة: هذا والله البيت الذي كنا نبتدره. والذي أراه أنا على كل