فإنك سوف تحلم أو تناهى ... إذا ما شبت أو شاب الغراب

فإن تكن الفوارس يوم حسي ... أصابوا من لقائك ما أصابوا

فما إن كان من سبب بعيد ... ولكن أدركوك وهم غضاب

فلما بلغ عامراً ما قال النابغة شق عليه، وقال: ما هجاني أحد حتى هجاني النابغة، جعلني القوم رئيساً، وجعلني النابغة سفيهاً جاهلاً وتهكم بي! وروى أن شاعراً مدح الحسين بن علي رضي الله عنهما، فأحسن عطيته، فعوتب على ذلك، فقال: أترون أني خفت أن يقول إني لست ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ابن علي بن أبي طالب؟ ولكن خفت أن يقول: لست كرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولست كعلي، فيصدق ويحمل عنه، ويبقى مخلداً في الكتب، ومحفوظاً على ألسنة الرواة، فقال الشاعر: أنت والله يا ابن رسول الله أعلم بالمدح والذم مني، وقد وقع الحسن بن زيد بن الحسين بن علي في بعض ما قال جده، قال فيه ابن عاصم المديني، واسمه محمد بن حمزة الأسلمي:

له حق، وليس عليه حق ... ومهما قال فالحسن الجميل

وقد كان الرسول يرى حقوقاً ... عليه لأهلها وهو الرسول

وجميع الشعراء يرون قصر الهجاء أجود، وترك الفحش فيه أصوب، إلا جريراً فإنه قال لبنيه: إذا مدحتم فلا تطيلوا الممادحة، وإذا هجوتم فخالفوا، وقال أيضاً: إذا هجوت فأضحك. وسلك طريقته في الهجاء سواء علي بن العباس بن الرومي، فإنه كان يطيل ويفحش، وأنا أرى أن التعريض أهجى من التصريح؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015