فظاهرها للناس ركن مقبل ... وباطنها عين من الجود عيلم

إلا أن الأول أخف وزناً، وأرشق لفظاً ومعنى. وهذان البيتان وإن كانت فيهما زيادة فإنما هما بإزاء البيت الأوسط من أبيات إبراهيم فقط..

ومن تغزل إبراهيم قوله:

أراك فلا أرد الطرف كيلا ... يكون حجاب رؤيتك الجفون

ولو أني نظرت بكل عين ... لما استقصت محاسنك العيون

فهذا وأبيك البيان، والخبر الذي كأنه العيان.

وما أجد كل حلاوة وحسن طلاوة، إلا دون قوله:

ابتداء بالتجني ... واقتضاء بالتظني

واشتفاء بتجني ... ك لأعدائك مني

بأبي قل لي لكي أع ... لم لم أعرضت عني

قد تمنى ذاك أعدا ... ئي، فقد نالوا التمني

وأما الهجاء فقد بلغ فيه أبعد الغايات بقوله في محمد بن عبد الملك الزيات:

فكن كيف شئت وقل ما تشاء ... وأرعد يميناً وأبرق شمالاً

نجا بك لؤمك منجى الذباب ... حمته مقاذيره أن ينالا

ومن شعر محمد بن عبد الملك الزيات قوله لأحمد بن أبي دؤاد، وقد أمر الواثق أن يقوم جميع الناس لابن الزيات، ولم يجعل في ذلك رخصة لأحد، وكان ابن أبي دؤاد يشتغل بصلاة الضحى إذا أحس بقدومه أنفةً من القيام إليه في دار السلطان، وامتثالاً للأمر، فصنع ابن الزيات:

صلى الضحى لما استفاد عداوتي ... وأراه ينسك بعدها ويصوم

لا تعد من عداوة مشئومة ... تركتك تقعد تارةً وتقوم

ومن تغزله قوله، وهو في غاية العذوبة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015