ومن هذا نوع يسمى الاستظهار، وهو قول ابن المعتز لابن طباطبا العلوي أو غيره:
فأنتم بنو بنته دوننا ... ونحن بنو عمه المسلم
فقوله " المسلم " استظهار؛ لأن العلوية من بني عم النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً أعني أبا طالب ومات جاهلياً، فكأن ابن المعتز أشار بحذقه إلى ميراث الخلافة.
وليس بين الإيغال والتتميم كبير فرق؛ إلا أن هذا في القافية لا يعدوها، وذلك في حشو البيت.
واشتقاق الإيغال من الإبعاد، يقال: أوغل في الأرض، إذا أبعد، فيما حكاه ابن دريد، وقال: وكل داخل في شيء دخول مستعجل فقد أوغل فيه وقال الأصمعي في شرح قول ذي الرمة:
كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج
الإيغال: سرعة الدخول في الشيء، يقال: أوغل في الأمر، إذا دخل فيه بسرعة، فعلى القول الأول كأن الشاعر أبعد في المبالغة وذهب فيها كل الذهاب، وعلى القول الثاني كأنه أسرع الخول في المبالغة بمبادرته هذه القافية.
وكلما أكثرت من الشواهد في باب فإنما أريد بذلك تأنيس المتعلم وتجسيره على الأشياء الزائعة. ولأريه كيف تصرف الناس في ذلك الفن، وقلبوا تلك المعاني والألفاظ.
ومن أسمائه أيضاً الإغراق، والإفراط، ومن الناس من يرى أن فضيلة الشاعر إنما هي في معرفته بوجوه الإغراق والغلو، ولا أرى ذلك إلا محال؛ لمخالفته الحقيقة، وخروجه عن الواجب والمتعارف.. وقد قال الحذاق: خير الكلام الحقائق، فإن لم يكن فما قاربها وناسبها، وأنشد المبرد قول الأعشى: