تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال
وبين المكانين بعد أيام، وإنما يرجع القفال إلى الغزو والغارات وجه الصباح؛ فإذا رأوها من مسافة أيام وجه الصباح وقد خمد سناها وكل موقدها فكيف كانت أول الليل؟!! وشبه النجوم بمصابيح الرهبان؛ لأنها في السحر يضعف نورها كما يضعف نور المصابيح الموقدة ليلها أجمع، لا سيما مصابيح الرهبان؛ لأنهم يكلون من سهر الليل فربما نعسوا ذلك الوقت، وهذا مما أورده شيخنا أبو عبد الله.
وقال أمرؤ القيس يصف فرساً:
لها ذنب مثل ذيل العروس ... تسد به فرجها من دبر
أراد طوله؛ لأن العروس تجر ذيلها إما من الحياء وإما من الخيلاء.
وزعم الجاحظ أن قول غيلان ذي الرمة:
وليل كجلباب العروس ادرعته ... بأربعة والشخص في العين واحد
أراد به سبوغه لا لونه، وأكثر الناس على خلاف قوله، وأنا أرى أن هذا كقول عوف بن عطية بن الخرع التيمي من تيم الرباب يصف خيلاً:
وجللن دمخاً قناع العرو ... س تدني على حاجبيها الخمار
دمخ جبل بعينه، فأراد أن الخيل كسونه قناعاً من الغبار هذه صفته.
ومن معجز المبالغة قول الله عز وجل: " سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار " فجعل من يسر القول كمن يجهر به، والمستخفي بالليل كالسارب بالنهار، وكل واحد منهما أشد مبالغة في معناه وأتم صفة.