فراح فريق في الأساري، ومثله ... قتيل، ومثل لاذ بالبحر هاربه
فالبيت الأول قسمان: إما الموت، وإما حياة تورث عاراً ومثلبة، والبيت الثاني ثلاثة أقسام: أسير، وقتيل، وهارب؛ فاستقضى جميع الأقسام، ولا يوجد في ذكر الهزيمة زيادة على ما ذكر.
ومثل ذلك قول عمرو بن الأهتم إلا أنه أكثر إيجازاً:
اشربا ما شربتما فهذيل ... من قتيل وهارب وأسير
فجمع الوجوه كلها في مصراع واحد.
ومن التقسيم الجيد قول نصيب:
فقال فريق القوم: لا، وفريقهم: ... نعم، وفريق قال: ويحك ما ندري
فلم يبق جواب سائل إلا أتى به؛ فاستوفى جميع الأقسام، وزعم قوم أنه أفضل بيت وقع فيه تقسيم.
ومن أناشيد قدامة في هذا الباب قول الشماخ يصف حمار وحش:
متى ما تقع أرساغه مطمئنةً ... على حجر يرفض أو يتدحرج
فلم يبق الشماخ قسماً ثالثاً إلا أن يقول: يغوص في الأرض، وذلك لا يلزم؛ من جهة أن الحافر عند الجرى وسرعة المشي يقذف الحجر إلى وراء، إلا أنه لو أتى به لكان حسناً من أجل قوله مطمئنة.
ومن أشرف المنثور في هذا الباب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وهل لك يابن آدم بن مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت " فلم يبق عليه الصلاة والسلام قسماً رابعاً لو طلب يوجد.. وقال نافع بن خليفة: يا بني، اتقوا الله بطاعته، واتقوا السلطان بحقه، واتقوا الناس بالمعروف فقال رجل منهم: ما بقي شيء من أمر الدين والدنيا إلا وقد أمرتنا به.. وقال أعرابي إذا كان الرأي عند من لا يقبل منه، والسلاح عند من لا يستعمله، والمال عند من لا ينفقه