نصيبك في حياتك من حبيب ... نصيبك في منامك من خيال
فوازن قوله في حياتك بقوله في منامك وليس بضده ولا موافقه، وكذلك صنع في الموازنة بين حبيب وخيال، وإن اختلف حرف اللين فيهما، فإن تقطيعه في العروض واحد.
فأما قول أبي تمام:
فكنت لناشيهم أباً، ولكهلهم ... أخاً، ولذي التقويس والكبرة ابنما
فإنه من أحكم المقابلة وأعدل القسمة.
وقد بنيت في أول هذا الباب أن المقابلة بين التقسيم والطباق؛ فكلما توفر حظها منهما كانت أفضل.
ومن أملح ما رويناه في الموازنة وتعديل الأقسام مما يجب أن نختم به هذا الباب قول ذي الرمة:
أستحدث الركب عن أشياعهم خبراً ... أم راجع القلب من أطرابه طرب؟؟
لأن قوله أستحدث الركب موازن لقوله أم راجع القلب وقوله عن أشياعهم خبراً موازن لقوله من أطرابه طرب وكذلك الركب موازن للقلب وعن موازن لمن، وأشياعهم موازن أطرابه وخبراً موازن لطرب.
وقال السيد أبو الحسن في هذا النوع:
لكفاك أندى من غيوم سواجم ... وعزمك أمضى من حسام مهند
فكل لفظة من القسيم الأول موازنة لأختها من القسيم الآخر موازنة عدلٍ وتحقيق.
اختلف الناس في التقسيم: فبعضهم يرى أنه استقصاء الشاعر جميع أقسام ما ابتدأ به، كقول بشار يصف هزيمة:
بضرب يذوق الموت من ذاق طعمه ... ويدرك من نجى الفرار مثالبه