أراد نهنهته عنك بالسيف، أو أراد فلم ينهه إلا جلدات وجاع بالسيف، وكلاهما فيه تقديم وتأخير.

ورأيت من علماء بلدنا من لا يحكم للشاعر بالتقدم، ولا يقضى له بالعلم، إلا أن يكون في شعره التقديم والتأخير، وأنا أستثقل ذلك من جهة ما قدمت، وأكثر ما تجده في أشعار النحويين.

ومن الشعر ما تتقارب حروفه أو تتكرر فتثقل على اللسان، نحو قول ابن بشر:

لم يضرها والحمد لله شيء ... وانثنت نحو عزف نفس ذهول

فإن القسيم الآخر من هذا البيت ثقيل؛ لقرب الحاء من العين، وقرب الزاي من السين.

وقال آخر:

وقبر حرب في مكان قفرٍ ... وليس قرب قبر حرب قبر

فتكررت الألفاظ، وترددت الحروف، حتى صار ألقية يختبر به الناس، ولا يقدر أحد أن ينشده ثلاث مرات إلا عثر لسشانه فيه وغلط.

وقال كعب بن زهير:

تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت ... كأنه منهل بالراح معلول

فجمع بين الضاد والذال والظاء، وهي متقاربة متشاكلة.

ومن حسن النظم أن يكون الكلام غير مثبج، والتثبيج: جنس من المعاظلة ترد في بابها إن شاء الله تعالى.

ومن الناس من يستحسن الشعر مبنياً بعضه على بعض، وأنا أستحسن أن يكون كل بيت قائماً بنفسه لا يحتاج إلى ما قبله ولا إلى ما نعده، وما سوى ذلك فهو عندي تقصير، إلا في مواضع معروفة، مثل الحكايات وما شاكلها، فإن بناء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015