غير مشكل، وسهلاً غير متكلف، ومنهم من يقدم ويؤخر: إما لضرورة وزن، أو قافية وهو أعذر، وإما ليدل على أنه يعلم تصريف الكلام، ويقدر على تعقيده، وهذا هو العي بعينه، وكذلك استعمال الغرائب والشذوذ التي يقل مثلها في الكلام، فقد عيب على من لا تعلق به التهمة نحو قول الفرزدق:

على حالة لو أن في البحر حاتماً ... على جوده ما جاد بالماء حاتم

فخفض حاتماً على البدل من الهاء التي في " جوده " حتى رأى قوم من العلماء أن الإقواء في هذا الموضع خير من سلامة الإعراب مع الكلفة، وكذلك قوله:

نفلق هاماً لم تنله أكفنا ... بأسيافنا هام الملوك القماقم

أراد: نفلق بأسيافنا هام الملوك القماقم، ثم نبه وقرر فقال: هاماً لم تنله أكفنا، يريد أي قوم لم نملكهم ونقهرهم، وهذا عند الصدور المذكورين بالعلم تكلف وتعمل، لا تعرفه العرب المطبوعون، وكذلك:

إن الفرزدق صخرة عادية ... طالت فليس تنالها الأوعالا

نصب الأوعال بطالت، ويروي " عزت ". وأكثر شعر أبي الطيب من هذه العلامة، ومما لا بأس به قول الخنساء:

فنعم الفتى في غداة الهياج ... إذا ما الرماح نجيعاً روينا

فقدمت " نجيعاً " على " روينا " مبادرة للخبر بالري من أي شيء هو، وكذلك قول أبي السفاح بكير بن معدان اليربوعي:

نهنهته عنك فلم ينهه ... بالسيف إلا جلدات وجاع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015