بن سلم: والله إنك لتصغي لحديثي، وتقف عند مقاطع كلامي. وإذا جعل المقطع والمطلع مصدرين بمعنى القطع والطلوع كانت الطاء واللام مفتوحتين، وإذا أريد موضع القطع والطلوع كسرت اللام خاصة، وهو مسموع على غير قياس.
قيل لبعض الحذاق بصناعة الشعر: لقد طار اسمك واشتهر، فقال: لأنني أقللت الحز، وطبقت المفصل، وأصبت مقاتل الكلام، وقرطست نكت الأغراض بحسن الفواتح والخواتم ولطف الخروج إلى المدح والهجاء، وقد صدق، لأن حسن الافتتاح داعية الانشراح، ومطية النجاح، ولطافة الخروج إلى المديح، سبب ارتياح الممدوح، وخاتمة الكلام أبقى في السمع، وألصق بالنفس؛ لقرب العهد بها؛ فإن حسنت حسن، وإن قبحت قبح، والأعمال بخواتيمها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.