وثالثا: المصاهرة لدى القبائل العربية تقوم على تحريم الزواج بالمحارم وتفضيل الأباعد على الأقارب.
وهذه مغالطة ثالثة، بل العكس هو الصحيح، لكن مادامت تخدم مشروع الجابري «الفهم الحداثي للتراث» فلا بأس بها.
ثم زاد قائلا: والزواج من القبائل البعيدة مطلوب في إطار التحالفات التي يفرضها المجتمع القبلي: إن الحفاظ على العلاقات السلمية وتنميتها بين القبائل يقتضي نوعا من «تبادل النساء» بعبارة كلود ليفي ستراوس الشيء الذي يعني تزويج البنت خارج قبيلتها. غير أن تزويج البنت لشخص من قبيلة غير قبيلتها كثيرا ما يثير مشاكل تتعلق بالإرث في حال وفاة أبيها. ذلك لأنه إذا كان لها أن تأخذ نصيبا مما ترك فإن هذا النصيب سواء أكان ماشية أو مجرد الحق في المرعى المشترك سيؤول إلى زوجها، أي: إلى قبيلته. وهذا شيء غير مقبول وكثيرا ما يؤدي إلى خصومات وحروب تهدد المجتمع القبلي بالفناء. أما الولد الذكر فمفهوم أن ما يرثه من أبيه يبقى في قبيلته كما كان من قبل فكأنها هي التي ورثته. ومن هنا كان المجتمع العربي في الجاهلية لا يعطي للبنت نفس الحق الذي للولد في الميراث وكانت هناك قبائل تحرم البنت من الإرث تماما اتقاء المشاكل التي ذكرنا. وإذا أضفنا إلى ما تقدم محدودية المال المتداول في المجتمع العربي القبلي في الجاهلية سهل علينا إدراك كيف أن توريث البنت قد يؤدي إلى الإخلال بالتوازن على المستوى الاقتصادي خصوصا مع تعدد الزوجات (?).
ثم استمر في كلامه مبينا أن حرمان البنت من الإرث كان تدبيرا يفرضه المحيط الاجتماعي، فلما جاء الإسلام بالدولة أقر نوعا من الحل الوسط يتناسب مع المرحلة