التي يبديها بعض الناس على الدين من جراء تعميم الإجراءات التطبيقية اللادينية على مستويات الحياة عامة لا مبرر لها إطلاقاً!

ومن نافلة القول أن نقول: إن الدين كما أنزله الله لا يصح بحال أن ينعزل في زاوية من زوايا الحياة أياً كانت، لكننا نقول بالنسبة لأوروبا: إنه حتى هذه الزاوية التي يوهم دعاة اللادينية الناس بأنهم تركوها للدين لم تظل دينية خالصة، بل طغت عليها موجة التحلل من الدين حتى أفقدتها معناها، وتركتها مظاهر صورية جوفاء لا أثر لها في مشاعر الناس ولا في سلوكهم.

وليس ذلك بغريب فإن طبيعة التصور والتطبيق العلماني تقوم على أن: ((ما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم)) كما أن طبيعة الحياة -بل سنة الله فيها- وطبيعة النفس البشرية لا تسمح أبداً بأن يعيش الدين واللادين، وينمو باطراد في مجتمع واحد أو نفس واحدة.

ولذلك فإن المجتمع الغربي منذ مطلع القرن العشرين قد تخلى حقيقة عن الدين، فقد كان مفهوم الدين نفسه قد حط من مقامه، وأصبح لا يعني سوى واحد من أمرين: الطقوس المتحجرة التي كان يتبعها أولئك الذين كانوا متمسكين عن طريق العادة -والعادة فقط- بتراثهم الديني، أو اللامبالاة الساخرة من قبل أولئك الذين كانوا أحراراً بدرجة أكبر، والذين كانوا يعتبرون الدين خرافة عتيقة يمكن للمرء في بعض المناسبات أن يمتثل لها خارجياً، ولكنه يخجل منها في سره كما يخجل من شيء لا يمكن أن يدافع عنه عقلياً)) (?).

وقد أراد أحد الصحفيين الأميركيين أن يعبر عن مدى طغيان المادية وانحسار الدين فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015