لابد من النظر إلى العلمانية عند إرادة تعريفها نظرة شمولية من خلال كافة الإفرازات الثقافية لروادها، ولابد من التعامل مع الظواهر الاجتماعية والثقافية المختلفة وغيرها التي خلفتها، ولابد من الأخذ بعين الاعتبار للأسس الفلسفية التي خرجت من رحمها، ولابد كذلك من فهم السياق التاريخي والثقافي والاجتماعي العام الذي وجدت فيه.
وقد غفل عن كل هذا أو بعضه كثير ممن تصدوا للتعريف بالعلمانية.
فعرفها بعضهم بأنها فصل الدين عن الدولة، أو فصل الدين عن السياسة.
وهو تعريف ساذج قاصر لا يغطي حقيقة العلمانية الغربية، ونسختها العربية المستوردة. واختزالها إلى هذا نوع من التبسيط المخل، باعتراف جمع من العلمانيين. فليست العلمانية قاصرة على السياسة، بل هي شاملة للاقتصاد والاجتماع والأخلاق والفن وفلسفة الحياة وغيرها.
بل من الباحثين من يرى أن التعريف السابق تعريف سطحي ومضلل، إذ جذور العلمانية أعمق من ذلك بكثير، وفصل الدين عن السياسة يمثل إحدى الثمار البدائية التي يمكن اقتطافها من هذه الشجرة. وهي تمتد إلى جميع أبعاد شؤون الحياة البشرية، ومنها الحياة السياسية (?).