ولم تؤد محاولات العلمنة في العالم الإسلامي «إلى تحلل المنظومة الرمزية الإسلامية أو تحولها إلى مجرد تعبير فولكلوري مثلما جرى للعديد من ثقافات أخرى كثيرة، اجتاحتها صدمة الحداثة الغربية، بل خلافا لذلك مثَّل التحدي الغربي عامل استفاقة للوعي الإسلامي وعنصر تجدد لأسس الهوية الثقافية والاجتماعية الداخلية فقد غدا الشعور بجسامة المخاطر الغربية نوعا من الوعي التاريخي بين النخبة الإصلاحية الإسلامية، وكان ذلك مصحوبا بتساؤلات مؤلمة وغير مسبوقة حول أسباب تراجع العمران الإسلامي أو التخلف الإسلامي، ثم حول شروط النهوض والتجديد (?). من هنا يمكن لنا أن نفهم سر التركيز الغربي على الأصولية الإسلامية.
«فالحرب الغربية المعلنة على ما يسمونه بالأصولية الإسلامية هي في الجوهر والحقيقة معلنة على حقيقة الإسلام لا لشيء إلا لأنه المستعصي الأول -بل الوحيد- على العلمنة، أي على الذوبان في النموذج الحداثي الغربي، والرافض - من ثم- للوقوف ذليلا أمام هذا النموذج الغربي موقف التقليد والمحاكاة!. . وهو موقف إسلامي يجعل من التدين بالأصول الإسلامية طاقة إيمانية تفجر في المسلم طاقات العزة والسيادة والغَلَب، فلا يرضى بالتبعية السياسية والفكرية والاقتصادية والأمنية للمركزية الغربية والهيمنة الغربية. وهذا هو جوهر ما يخشاه الغرب ويحاربه الغربيون في الإسلام» (?).
ومسألة تداخل الديني والسياسي في الإسلام برزت في أجلى صورها في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.