الفصل السادس عشر: المصادفة

ان المصادفة تبدو شاردة، غير منتظرة، وغير خاضعة لاية طريقة من طرق الحساب. ولكن إذا كنا تدهشنا مفاجآتها فانها مع ذلك خاضعة لقانون صارم نافذ. والبنس الذي يضرب به المثل قد يقلب فيه الرأس عشر مرات أثناه جريه، ولا تنتظر فرصة قلبه المرة الحادية عشرة، ولكنها لا تزال فرصة واحدة من اثنتين، اما فرصة جرى عشرة رؤوس فانها ضئيلة للغاية.

ولتفرض ان معك كيسا يحتوي مائة قطعة رخام، تسع وتسعون منها سوداء وواحدة بيضاء. والان هز الكيس وخذ منه واحدة: ان فرصة سحب القطعة البيضاء هي بنسبة واحد إلى مائة. والان اعد قطع الرخام إلى الكيس، وابدا من جديد: ان فرصة سحب القطعة البيضاء لا تزال بنسبة واحد من مائة. غير ان فرصة سحب القطعة البيضاء مرتين متواليتين هي بنسبة واحد إلى عشرة آلاف (المائة مضاعفة مرة) .

والان جرب مرة ثالثة: ان فرصة سحب تلك القطعة البيضاء ثلاث مرات متوالية هي بنسبة مائة مرة عشرة آلاف، اي بنسبة واحد من المليون. ثم جرب مرة اخرى أو مرتين، تصبح الارقام فلكية.

ان نتائج المصادفة مقيدة بقانون تقييدا وثيقا، كما ان اثنين واثنين يساويان اربعة.

افرض ان جماعة يلعبون الورق، وانه بعد ان خلط (فنط) اعطى أحد اللاعبين الآس البستوني، واعطى ثان آس القلوب، وثالث اسباتي، واعطى الموزع الديناري، ثم تبع ذلك: الاثنان فالثلاثة وهكذا، حتى صار لدى كل لاعب المجموعة كلها بالترتيب العددي. لو حدث ذلك لما صدق أحد قط ان الورق لم يرتب من قبل على هذا الشكل.

ان الفرص ضد حدوث ذلك كبيرة لدرجة انه لم يحدث قط في جميع الالعاب منذ اخترعت لعبة الهويست، ولكن ربما يقال ان في الامكان ان يحدث ذلك فهل من المعقول ان يحدث!

افرض ان طفلا صغيرا طلب اليه لاعب شطرنج ذو خبرة ان يحاول ان يغلبه بعد أربع وثلاثين حركة. وافرض ان الطفل بمجرد المصادفة قد أتى كل حركة كما ينبغي بالضبط ليقابل بها كل حركة من ذلك اللاعب! لا شك ان الاخير سيظن ان ذلك حلم أو انه قد فقد عقله! ولكن ربما يقال ان ذلك ممكن ان يحدث! فهل من المعقول ان يحدث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015