واذا كانت الروح الخالدة تستطيع رؤية الأشياء كما هي فانها تقدر ان تكتسب جميع الحواس المختلفة الرقيقة التي لكل الكائنات الحية. وبذا نستطيع ان تدخل في ميادين جديدة عجيبة للمعرفة والتجربة والشعور. وسترى ايضا – إذا شاءت – الذرات وهي تكون نفسها جزئيات، والجزئيات وهي تقهر الجراثيم المغيرة. وربما تستمتع بموسيقى جديدة، تتولد عن اهتزازات الاثير غير المحدودة وعن آلاف اجوبة النغم. وهناك ألوان أزهتى من ان تتحملها عيون البشرية تنتظر تطور قدرتنا على الاحاطة بها. وهناك مسرات لا نهاية لها، ترتقب روح الإنسان بعد تحررها من الجسد!

ولست ادري أي مدى تبلغه قوة التصور إذا اكتسبت في الحياة الاخرى. ولا يمكن ان نبحث هنا القيود التي سوف تحمي حقنا المقدس في العزلة الفردية.. وانما نعطي هنا مجرد فكرة. وكذلك لا نحاول ان نصف الجنة التي يتمناها كل فرد، ولكنا يمكننا على الأقل ان نزعم انه توجد اجوبة عن أمثال هذه الأسئلة التي يسألها البشر‍‍.

ان الروح الخالدة، التي لا يعوقها الزمن، قد ترى أحباءها، وقد تضمهم إلى صدرها. ولما كان تصورها الذي كل قد أصبح حقيقة روحانية، فانها تقدر ان ترى الحقيقة الكبرى، اعني الخالق عزوجل، والجنة هي حيث يشاء ان تكون.

فدعنا نعتقد ان تصورنا سيبلغ درجة الكمال، وان الصم سوف يسمعون بالفعل اصواتا جميلة تفوق ما يحلم به الانسان. وان البكم سوف يتكلمون بكل لغة، وان العمى سوف يبصرون كل عجيبة من عجائب خلق الله.

واذا ترتفع روح الإنسان الخالدة صوب الله، كاسبة في طريقها سعة من الفهم، إذ ترقى نحو الملكوت الاسمى، فان جمال خلق الله في العالم العادي يتباعد عن النظر كما تضمحل قصص الطفولة من ذهن الإنسان حيث ينضج وهكذا تهبط الكرة الارضية حقا إلى درجة التفاهة، مع تأمل الكون. واذن في روعة الادراك الروحاني قد تصبح المادة مثل الظل الذي يبهت امام الشمس المشرقة، وتصبح كلا شيء. وهكذا يستطيع الإنسان بكفايته الروحانية ان يتصور القدرة الالهية، ومع تطور روحانيته سيكون اقرب إلى ادراك جلال الخالق وقدرته وعظمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015