وهنا يأتي ايجاء التصور الذي بلغ الكمال: اننا على ظهر الارض مرتبطون بما هو مادي، مقيدون بجميع تلك القياسات المادية التي اشرت اليها. ولكن يجب ان نذكر ان تصورنا – كما أسلفت القول – ينغلب فورا على المسافة، وينقلنا إلى كل مكان، ويأتي لنا بالهامات تقرب من الحقيقة وتفتح اذهاننا لضروب من الجمال تفوق الواقع. والوقائع التي تتولد عن الافكار يمكن ان تصبح حقائق مادية يراها الغير، كما قد يحلم المهندس المعماري ونضر مثلا على ذلك من الاهرام، و (تاج محل) (?) ، أو ناطحة سحاب حديثة. واذا صح ان روح الإنسان التي اصبحت خالدة، لا ترى إلا الحقيقة، فان الروح لفورها، عن طريق التصور الذي بلغ حد الكمال، تبصر الأشياء كما هي. والأفكار هي حقائق – حقائق روحية – خالدة، سواء اتحققت ماديا في شكل تمثال، ام نطق بها كحقيقة تحدث انقلاباً في الفكر البشري.

والعالم الجيولوجي قد يتتبع، بتصوره الروحاني، طبقات الارض إلى مركزها المصهور. والذي يراه هو العلاقة المضبوطة التي لكل طبقة بقشرة الارض. وقد تقعد روح الإنسان هادئة فوق شاطئ جزيرة مرجانية، ويغني لها البحر المتلاطم. ويستطيع الإنسان بتصوره الكامل ان يرقب الغازات المتماوجه بالشمس البعيدة، وقد يجمل الزمن فيراها ابتداء من بدايتها السديمية، ويتتبع تطوراتها حتى بردت وأصبحت غير مرئية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015