فمن الحماقة أن تصيد غزالة ... وتتركها بين الخلائق طالقة
ومن الطرق التي تعين على حفظ العلم وضبطه أن يهتدي الإنسان بعلمه، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] .
وقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76] .
فكلما عمل الإنسان بعلمه زاده الله حفظًا وفهمًا، لعموم قوله: {زَادَهُمْ هُدًى} .
رابعًا ملازمة العلماء:
يجب على طالب العلم أن يستعين بالله عز وجل ثم بأهل العلم، ويستعين بما كتبوا في كتبهم؛ لأن الاقتصار على مجرد القراءة والمطالعة يحتاج إلى وقت طويل بخلاف من جلس إلى عالم يبين له ويشرح له وينير له الطريق، وأنا لا أقول: إنه لا يُدرَك العلم إلا بالتلقي من المشايخ، فقد يدرك الإنسان بالقراءة والمطالعة لكن الغالب أنه إذا ما أكبّ إكبابًا تامًّا، ورزق الفهم فإنه قد يخطئ كثيرًا ولهذا يقال: من كان دليله كتابه فخطؤه أكثر من صوابه، ولكن هذا ليس على الإطلاق في الحقيقة.
ولكن الطريقة المثلى أن يتلقى العلم على المشايخ، وأنا أنصح طالب العلم أيضًا ألا يتلقف من كل شيخ في فن واحد، مثل أن يتعلم الفقه من أكثر من شيخ؛ لأن العلماء يختلفون في طريقة استدلالهم من الكتاب والسنة، ويختلفون في آرائهم أيضًا، فأنت تجعل لك عالمًا تتلقى علمه في الفقه أو البلاغة وهكذا، أي تتلقى العلم في فن واحد من شيخ واحد، وإذا كان الشيخ عنده أكثر من فن فتلتزم معه، لأنك إذا تلقيت علم الفقه مثلا من هذا وهذا واختلفوا في رأيهم فماذا يكون موقفك وأنت طالب؟ يكون موقفك الحيرة والشك، لكن التزامك بعالم في فن معين فهذا يؤدي إلى راحتك.