أما كوني أكلت حتى أفرغت الإناء فذلك لأني ما وجدت طعامًا أطيب من طعام الإمام أحمد فأردت أن أملأ بطني منه، وأما كوني لم أقم لصلاة الليل فإن العلم أفضل من قيام الليل، وقد كنت أفكر في هذا الحديث، وأما كوني لم أتوضأ لصلاة الفجر فكنت على وضوء من صلاة العشاء) ولا يحب أن يكلفهم بماء الوضوء.

أقول على كل حال: إن المثابرة في طلب العلم أمر مهم، فلننظر في حاضرنا الآن هل نحن على هذه المثابرة؟ لا. أما الذين يدرسون دراسة نظامية إذا انصرفوا من الدراسة ربما يتلهون بأشياء لا تعين على الدرس، وإني أضرب مثلا وأحب ألا يكون وألا يوجد له نظير، أحد الطلبة في بعض المواد أجاب إجابة سيئة، فقال المدرس: لماذا؟ فقال: لأني قد أيست من فهم هذه المادة، فأنا لا أدرسها ولكن أريد أن أكون حاملا لها، كيف اليأس؟ وهذا خطأ عظيم، يجب أن نثابر حتى نصل إلى الغاية.

وقد حدثني شيخنا المثابر عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - أنه ذكر عن الكسائي إمام أهل الكوفة في النحو أنه طلب النحو فلم يتمكن، وفي يوم من الأيام وجد نملة تحمل طعامًا لها وتصعد به إلى الجدار وكلما صعدت سقطت، ولكنها ثابرت حتى تخلصت من هذه العقبة وصعدت الجدار، فقال الكسائي:

هذه النملة ثابرت حتى وصلت الغاية، فثابر حتى صار إمامًا في النحو.

ولهذا ينبغي لنا أيها الطلبة أن نثابر ولا نيأس فإن اليأس معناه سد باب الخير، وينبغي لنا ألا نتشاءم بل نتفاءل وأن نعد أنفسنا خيرًا.

ثالثًا الحفظ:

فيجب على طالب العلم الحرص على المذاكرة وضبط ما تعلمه إما بحفظه في صدره، أو كتابته، فإن الإنسان عرضة للنسيان، فإذا لم يحرص على المراجعة وتكرار ما تعلمه فإن ذلك يضيع منه وينساه وقد قيل:

العلم صيد والكتابة قيده ... قيِّد صيودك بالحبال الواثقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015