قَالَ: خَافَ عَلَيْهِم الْعين عِنْد اجْتِمَاعهم وَقَوله: {وَلما دخلُوا من حَيْثُ أَمرهم أبوهم} إِلَى قَوْله: {فضها} [يُوسُف: 68] ، وَتلك الْحَاجة خوف الْعين عَلَيْهِم وَقد علم أَن ذَلِك لَا يُغني عَنْهُم من قَضَاء الله وَقدره شَيْئا وَهُوَ قَوْله: {وَإنَّهُ لذُو علمٍِ لما علَّمنه} [يُوسُف: 68] يَعْنِي علمه بذلك.
(مَا جَاءَ فِي النشرة من الْعين وَغَيرهَا}
وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف أَنه قَالَ: رأى عَامر بن ربيعَة سهل بن حنيف يغْتَسل فَقَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جلد مخبأة. فلبط سهل مَكَانَهُ فَأتي رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله هَل لَك فِي سهل بن حنيف وَالله مَا يرفع رَأسه؟
فَقَالَ: " هَل تتهمون لَهُ أحدا؟ " قَالُوا: نتهم لَهُ عَامر بن ربيعَة.
فَدَعَا رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عَامر فتغيظ عَلَيْهِ: " علام يقتل أحدكُم أَخَاهُ أَلا بَركت اغْتسل لَهُ "، فَغسل لَهُ عَامر وَجهه وَيَديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجلَيْهِ وداخلة إزَاره فِي قدح ثمَّ صبّ عَلَيْهِ فراح سهل مَعَ النَّاس لَيْسَ بِهِ بَأْس.
قَالَ عبد الْملك:
أمّا قَوْله: " فلبط سهل " فيعني صرع سَاقِطا كَالْمَرِيضِ المسبت. يُقَال: لبط بفلان لبطاً وَهُوَ ملبوط بِهِ.
وَمِنْه حَدِيث النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حِين خرج على قُرَيْش لَيْلَة أَرَادوا أَن يَمْكُرُوا بِهِ فَضرب الله بِالنورِ على قُلُوبهم.
فَخرج رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] من منزله وقريش ملبوط بهم. يَعْنِي أَنهم سقطوا صرعى بَين يَدَيْهِ، وَتقول الْعَرَب أَيْضا: ليج بفلان، يَعْنِي لبط بِهِ، وَهُوَ الليج واللبط.
قَالَ عبد الْملك:
وأمّا تَفْسِير اغتسال العاين للمعين فَقَالَ الزُّهْرِيّ: يُؤْتى العاين بقدح فِيهِ مَاء فَيدْخل فِيهِ كَفه فيمضمض، ثمَّ يمجه فِي الْقدح، ثمَّ يغسل وَجهه فِي الْقدح، ثمَّ يدْخل يَده الْيُسْرَى فيصبّ بهَا على مرفقيه الْأَيْمن، ثمَّ يدْخل يَده الْيُمْنَى فيصبّ على مرفقيه