دلالة الآيات الكونية على خالقها ومبدعها
المطلب الأول
منهج القرآن في الاستدلال بالآيات الكونية
1- ارتياد الكون عبر آيات القرآن
يأخذنا القرآن في جولات وجولات نرتاد آفاق السماء، ونجول في جنبات الأرض، ويقف بنا عند زهرات الحقول، ويصعد بنا إلى النجوم في مداراتها، وهو في كلّ ذلك يفتح أبصارنا وبصائرنا، فيرينا كيف تعمل قدرة الله وتقديره في المخلوقات، ويكشف لنا أسرار الخلق والتكوين، ويهدينا إلى الحكمة من الخلق والإيجاد والإنشاء، ويبين عظيم النعم التي حبانا بها في ذوات أنفسنا وفي الكون من حولنا.
إنه حديث طويل في كتاب الله يطالعك في طوال سوره وقصارها، وهو حديث مشوق تنصت إليه النفس، ويلذه السمع، ويستثير المشاعر والأحاسيس.
ولقد طالعت الكثير مما توصل إليه العلم والعلماء في شتى جوانب الحياة يبينون أسرار الخلق، ودلالة الخلق على الخالق، فما وجدت في شيء من ذلك كلّه ما وجدته في القرآن من جمال وصف، ووفرة علم، واستثارة مشاعر، وحسن توجيه، ودقة استنتاج، وكيف لا يكون كذلك وهو تنزيل الحكيم الحميد!!