ولذلك فالمؤمنون يدخلون الجنّة مكتملين على صورة آدم، ففي بقية الحديث السابق: (فكلّ من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعاً) ، ثم يقول صلى الله عليه وسلم: (فلم يزل الخلق ينقُصُ بعده حتّى الآن) . (?)
وقد أخبرنا الحق أنه مسخ بعض الضالين من البشر قردة وخنازير، فالمستوى الراقي من الخلق يمكن أن ينحدر إلى المستوى الأدنى، أمّا أن تُحوّل القرود والخنازير بشراً فهذا لا يوجد إلا عند أصحاب العقول الضعيفة.
هذه لمحة مما حكاه القرآن وأخبرت به الأحاديث عن خلق الإنسان الأول، لم نستقص النصوص من الكتاب والسنّة في ذلك، وإلا فالقول في ذلك أوسع وطويل، وهو يعطي صورة واضحة لأصل الإنسان ليس فيها غبش ولا خيال، وهذا الذي يبيّنه الإسلام أصل كريم يعتز الإنسان بالانتساب إليه، أمّا ذلك الإنسان الذي يصوّره أصحاب نظرية التطور، ذلك القرد الذي ترقى عن فأر أو صرصور فإنّه أصل يخجل الإنسان من الانتساب إليه.
وذلك الإنسان الذي يُدَرّسه علماء التاريخ للأطفال: الإنسان المتوحش الذي لا يفقه الكلام، ولا يحسن صنع شيء، الذي يتعلم من الحيوان ... فيه الكثير من التجني على أصل الإنسان الكريم.
وبعد:
فقد آن أن نفيق وأن نعود إلى ديننا الذي جاء به كتاب ربنا، ففيه الخير (فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من ابتغى الهدى من غيره أضله الله ... ) .
آن لنا أن نِعفّ عن نتاج العقول الآسنة المتعفنة في مثل هذه المجالات، أعني المجالات التي قال الله فيها كلمة الفصل، ولم يترك لأحد فيها قولاً.
يجب أن تتوقف هذه الهزيمة الفكرية التي تجعلنا نسارع إلى قبول كل جديد بدون رويّة وتفكر، ثم لا نفيق على خطأ ما أخذناه إلا بعد أن يهدمه بناتُه.