فإن قالوا: خُلق ذلك كله مصادفة، قلنا: ثبت لدينا يقيناً أن لا مصادفة في خلق الكون، وقد تبينا ذلك فيما سبق.
نظرية التولد الذاتي (شبهة ثبت بطلانها) :
وكان مما ساعد على انتشار الوثنية الجديدة (القول إنّ الطبيعة هي الخالق) هو ما شاهده العلماء الطبيعيون من تكون (دود) على براز الإنسان أو الحيوان، وتكوّن بكتيريا تأكل الطعام فتفسده، فقالوا: ها هي ذي حيوانات تتولد من الطبيعة وحدها.
وراجت هذه النظرية التي مكنت للوثن الجديد (الطبيعة) في قلوب الضالين التائهين بعيداً عن هدى الله الحق، لكنّ الحق ما لبن أن كشف باطل هذه النظرية على يد العالم الفرنسي المشهور (باستير) الذي أثبت أنّ الدود المتكون، والبكتيريا المتكونة المشار إليها لم تتولد ذاتياً من الطبيعة، وإنّما من أصول صغيرة سابقة لم تتمكن العين من مشاهدتها، وقام بتقديم الأدلة التي أقنعت العلماء بصدق قوله، فوضع غذاء وعزله عن الهواء، وأمات البكتريا بالغليان، فما تكونت بكتيريا جديدة، ولم يفسد الطعام، وهذه النظرية التي قامت عليها صناعة الأغذية المحفوظة (المعلبات) . (?)
الطبيعة هي القوانين التي تحكم الكون:
ويرى فريق آخر أنّ الطبيعة هي القوانين التي تحكم الكون، وهذا تفسير الذين يدّعون العلم والمعرفة من القائلين إنّ الطبيعة هي الخالق، فهم يقولون: إنّ هذا الكون يسير على سنن وقوانين تسيّره وتنظم أموره في كل جزئية، والأحداث التي تحدث فيه تقع وفق هذه القوانين، مثله كمثل الساعة التي تسير بدقة وانتظام دهراً طويلاً، فإنها تسير بذاتها بدون مسيّر.
وهؤلاء في واقع الأمر لا يجيبون عن السؤال المطروح: من خلق الكون؟
ولكنهم يكشفون لنا عن الكيفية التي يعمل الكون بها، هم يكشفون لنا