وَكَانَ يَقُول إِن الله تَعَالَى لم يزل مرِيدا والإرادة صفة لَهُ فِي ذَاته خَالف بهَا من لَا إِرَادَة لَهُ والإرادة صفة مدح وثناء لِأَن كل ذَات لَا تُرِيدُ مَا تعلم أَنه كَائِن فَهِيَ منقوصة وَالله تَعَالَى مُرِيد لكل مَا علم أَنه كَائِن وَلَيْسَت كإرادات الْخلق وَقد أثبت ذَلِك لنَفسِهِ فَقَالَ {إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه أَن نقُول لَهُ كن فَيكون} وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} فَلَو كَانَت إِرَادَته مخلوقة كَانَت مُرَادة بِإِرَادَة أُخْرَى وَهَذَا مَا لَا يتناهى وَذَلِكَ فِي الْقُرْآن كثير وَقد دلّت الْعبْرَة على أَن من لَا إِرَادَة لَهُ فَهُوَ مكره
وَكَانَ يَقُول إِن لله عز وَجل كلَاما هُوَ بِهِ مُتَكَلم وَذَلِكَ صفة لَهُ فِي ذَاته خَالف بهَا الخرس والبكم وَالسُّكُوت وامتدح بهَا نَفسه فَقَالَ عز وَجل فِي الَّذين اتَّخذُوا الْعجل {ألم يرَوا أَنه لَا يكلمهم وَلَا يهْدِيهم سَبِيلا اتخذوه وَكَانُوا ظالمين} فعابهم لما عبدُوا إِلَهًا لَا يتَكَلَّم وَلَا كَلَام لَهُ فَلَو كَانَ إلهنا لَا يتَكَلَّم وَلَا كَلَام لَهُ رَجَعَ الْعَيْب عَلَيْهِ وَسَقَطت حجَّته على الَّذين اتَّخذُوا الْعجل من الْوَجْه الَّذِي احْتج عَلَيْهِم بِهِ وَيزِيد ذَلِك أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أنب أَبَاهُ بقوله {يَا أَبَت لم تعبد مَا لَا يسمع وَلَا يبصر وَلَا يُغني عَنْك شَيْئا}