تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [البقرة: 176] (?).
وهؤلاء تراهم يذكرونَ المذهبَ، يَحْسَبونَهُ مذهب السَّلَفِ، وهو من كلام أهل البدعِ، وإنَّما ذلك لجَهْلِهم بالمنقولِ عن السَّلَفِ، بَلْ ربَّما وافَقَ ذكرُهُم بعضَ أقوالِ السَّلفِ، يَحْسَبُونها من أقْوال أهْل البدع، فيردّونَها ويَسْتنكرونَها، بل ربَّما كفَّروا القائلَ بها مِن غير أنْ يَعْلَموا أنَّها مذهبُ السَّلَفِ واعتقادُهُم.
ولذلك فقد يَصِفون اعتقادَ السَّلَفِ بأنَّه اعتقادُ المجسِّمة، أو المشبّهة، أو الحَشْوية (?).
سبحان الله! إنَّ قلوبَ أصحاب البدع تتشابَهُ؛ فإنَّ الجهميةَ -أوَّلَ الأَمر- كانوا يَصِفون بذلك أئمَّةَ السُّنَّة ومَن يُتابِعُهم، ثمَّ لمَّا مضى العهدُ فظهَرَ الأَشعريَّةُ والماتُريديَّة وأشباهُهم؛ كانتَ هذه الأوصافُ لأهل السُّنَّة على ألسنتِهِم.
وهذه الأوصاف إنَّما يُطلقها أهلُ البدع على أهل السُّنَّة لِيُنفِّروا الخلقَ عن اعتقاد السَّلَف، ويرغّبوهم في بدعهم، خاصّةً وأنَّهم يصفون أنفسَهم بمقابل ذلك بأنَّهم أهلُ السُّنَّة.