وألفاظُ الأئمَّةِ في ذلك لا ندخل تحتَ الحصر، ولكنَّ أهلَ البدع -خاصَّة من المنتسبين إلى الأئمة الفقهاء في الفروع- يتأوّلونَ كلامَ الأئمة في ذمّ الكلام على أنَّهم يُريدونَ الكلامَ الذي يناقض الكتابَ والسُّنَّة!!
سبحان الله! وهل في علم الجَدل والكلام إلَّا ما يناقضٍ الكتابَ والسُّنَّة؟! ولو لم يكن هناك دليلٌ إلاَّ الإحداث؛ لكفى به مناقضةً للكتاب والسنة.
وأيضاً؛ فلو كان موافقاً للكتاب والسنة، وقد دلَّ عليه الدليلُ السَّمْعيُّ؛ فلَسْنا نُدْخِلُه في عِلْم الكلام.
وهذه الطريقة كانت طريقةَ السَّلَف، فإنَّهم وقَعَت مِن كثير منهم مناظرات لأهل البدع واحتجاجاتٌ عليهم، لكنْ بدَلائِل الكتاب والسُّنَّة، لم يخرجوا إلى شيْءٍ من البِدَع شأْنَ المُرادينَ بالذَّمِّ من أهل الكلام، ولم يكن السَّلَف يَعْرفونَ الكلامَ إلَّا محدَثات الأمور التي لم يَرِدْ في شيء منها نصُّ كتابٍ ولا سُنَّةٍ، خلافاً لكم أيُّها المبتدعة من أتباع الأشعري والماتُريدي، ممَّن تتظاهرون بالانتساب للأئمة؛ فإنَّ كلامَكُمْ ليس من قَبيل مناظرات السَّلَف، وإنَّما هو من قبيل جَدَل المعتزلةِ وأصحاب البدع، وكتبكُم شاهدةٌ على ذلك، وخروجُكم عن طريقة السَّلَف في غالب مسائل الاعتقاد وأصوله من أكبر الأدلَّة على وقوعِكم في الكلام المذموم، ولكنْ هذه حَيْدَةٌ أردتم التلبيسَ بها على الناس، لئلًا يُقال: إنكم خالفتم السَّلَفَ حيث نَهوا عن علم الكلامِ وذمَّوه.
طريقة السَّلَف في العقائد والأحكام أحسَنُ الطُّرق، وهي الوسَط،