أولًا: بطلان الرجحان بدون مرجح: إن هذا الكون الموجود لا يخلو من أحد احتمالات ثلاثة:
1 -. أن يكون واجب الوجود.
2 -. أن يكون ممتنع الوجود.
3 -. أن يكون ممكن {جائز} الوجود.
أما الاحتمال الأول: فباطل لأنه يترتب عليه امتناع انعدام الكون، وذلك محال عقلًا: فإننا نرى أعيان المخلوقات تموت وتحيا، وتوجد وتنعدم فلا مانع عقلًا من انعدام الكون.
أما الاحتمال الثاني: فباطل أيضا لأن الكون موجود حقيقة فلو كان ممتنع الوجود لما أمكن وجوده.
إذًا لم يبق إلا الاحتمال الثالث: وهو أنه ممكن الوجود، أي أنه جائز فيه أن يوجد أو لا يوجد على حد سواء، ولكن الكون موجود فعلًا فإذا لا بد من وجود مرجح خارجي لأحد الأمرين المستويين: الوجود والعدم. فإن قال قائل: إن الكون هو الذي أوجد نفسه. قلنا: هذا يستلزم الترجيح بدون مرجح لأنه لو أوجد نفسه لكان واجب الوجود ولكننا اتفقنا علي أنه ممكن الوجود فلزم أن يكون قد أوجدته قوة أخرى خارجة عنه ومباينة له في ذاته وصفاته.
فإن قال القائل: يمكن أن تكون قوة أخرى سوى الله تعالى هي التي أوجدته قلنا: سترى بطلان هذا الفرض في الأدلة التالية: