من جلساء عمر (?): يا أمير المؤمنين، لو جعلته قراضًا. فقال عمر: قد جعلتُه قراضًا. فأخذ عمر رأسَ المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال (?).
ووجه دلالة الأثر على الحكم فيه ثلاثة أوجه:
الأول: قول عبد الرحمن (لو جعلته قراضًا) مع إقرار عمر، ولو علم عمر فساده لرد قوله، وإنما أخذ نصف الربح تورعًا؛ خشيةً من محاباة أبي موسى لابنيه - رضي الله عنهم - جميعًا.
الثاني: أن عمر - رضي الله عنه - أجرى عليهما حكم القراض الصحيح، وإلّم يتقدم معهما عقد؛ اكتفاءً بقول أبي موسى - رضي الله عنه - لأن له ولاية على هذا المال.
الثالث: أنه أجرى عليهما في الربح حكم القراض الفاسد، فأخذ منهما جميع الربح وعاوضهما على عملهما بأجرة المثل، وقَدَّره بما يعادل نصف الربح (?)، وفيه آثار كثيرة.
المطلب الثاني: مضاربة المضارب، وفيه فرعان:
صورة المسألة: أن يعطي رب المال للعامل مالًا ليعمل به، فيأخذ العامل المال ويدفعه لطرف ثالث بعقد مضاربة بربحٍ جديدٍ، مثال ذلك: إذا أعلنت شركة عن مشروع صناعي -مثلًا- يحتاج تمويلًا، فدفع الأفراد من التجار وعامة الناس لها أموالهم مضاربةً، فهل لها أن تدفع هذه الأموال لشركة صناعية أخرى تعمل في مثل هذا المشروع وتكسب فرق ما بين العقدين؟
أي هل يملك المضارِب (العامل) أن يضارب برأس المال؟
تحرير محل النزاع: لا يخلو ذلك من حالين أن يأذن المالك أو لا يأذن، وإن أذن فلا يخلو من أن يكون الإذن صريحًا أو غير صريح، فإلم يأذن المالك فاتفق الفقهاء على أنه لا يجوز للمضارب أن يضارب غيره (?).
واختلفوا في حال الإذن: