وأما المرتهن فلا يجوز له أن يرهن المرهون؛ لأن الحق الثابت له هو الحبس، ولا يملك أن يتصرف فيه بغير ذلك، قياسًا على هبة الرهن والتصدق به، جاء في "المقدمات الممهدات": (وأجمع أهل العلم على أن المرتهن ليس له الانتفاع بشيء من الرهن سوى الحيوان) (?) وذكر أن الخلاف في الحيوان إنما هو في حلبه وركوبه.
الدليل الثاني: أن الراهن لم يرضَ بحبس غيره (?)، وهذا في رهن المرتهن.
الدليل الثالث: قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن الراهن ممنوع من بيع الرهن وهبته وصدقته وإخراجه مِن يد مَن رهنه حتى يبرأ من حق المرتهن) (?)، والرهن مقيس على هذه العقود، ويلزم منه إخراج الرهن من يد المرتهن، وهو المعنى في الأصل، وهذا في رهن الراهن.
الدليل الرابع: أنه تصرفٌ يبطل حقَّ المرتهن من الوثيقة غير مبني على التغليب والسراية فلم يصح بغير إذن المرتهن، كفسخ الرهن (?).
دليل القول الثاني: أما رهن المرتهن فيُستدل لهم بما استدل به أصحاب القول الأول، أما رهن الراهن فبناءً على مذهبهم في عدم اشتراط قبض الرهن للزومه، فما زاد عن الدين من قيمة الرهن باقٍ في ملك الراهن فله أن يتصرف فيه بما يشاء.
المناقشة: أن المالكية وإلم يشترطوا القبض لكنهم يرون أنه متى حصل القبض لزم استدامته (?) كالحنفية (?) والحنابلة (?) وخلافًا للشافعية (?)، وعليه فلن يتمكن المرتهن الثاني من توثيق حقه؛ لفوات المحل بقبض الأول.
الترجيح
الراجح أنه لا يجوز ولا يصح للراهن ولا للمرتهن أن يرهن المرهون مطلقًا، سواء أكان الدين الأول أقل من قيمة المرهون أم لا، وسواء أكان الرهن بيد المرتهن أم لا، إلا إذا أذن المرتهن للراهن بالرهن؛ لأن الحق له وأسقطه، وينفسخ بذلك الرهن الأول.
أسباب الترجيح: