تحرير محل النزاع: أولا: في حال الإذن: إذا أذن المرتهن للراهن في الرهن جاز ويفسخ الرهن الأول (?)؛ لأن المرتهن تنازل عن حقه ورجعت العين لمالكها، وهو الراهن.
وأما المرتهن فلا يجوز له أن يرهن ولا يصح (?)؛ لأنه لا يملك الرهن، ولأنه متى كان الحق دينًا فالانتفاع بالرهن يؤول إلى الربا؛ لأنه قرضٌ جر نفعًا، وفي قولٍ عند الحنابلة يصح ذلك ويصير الرهن عارية عنده (?).
ثانيا: في غير حالة الإذن هل يجوز للراهن أو المرتهن أن يرهن الرهن؟
على قولين:
القول الأول: لا يجوز ولا يصح، وهو مذهب الحنفية (?) والشافعية (?) والحنابلة (?).
القول الثاني: أما رهن الراهن فإذا كانت قيمة المرهون أكثر من الدين جاز أن يرهن ما زاد عن الدين رهنًا ثانيًا برضا المرتهن الأول، وهو مذهب المالكية (?)، أما رهن المرتهن فقال مالك في من ارتهن رهنًا فباعه أو رهنه: (إنه يرده حيث وجده فيأخذه ربه ويدفع ما عليه فيه، ويتبع الذي اشتراه الذي غَرَّه فيلزمه بحقه) (?)، وهذا يفيد موافقة الجمهور.
الأدلة: أما وجه الجواز مع الإذن فواضح وسبق نحوه مرارًا، وأما في غير حالة الإذن فما يلي:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: أما الراهن فلا يجوز له أن يرهن المرهون؛ لتعلق حق المرتهن به، قال في"الأشباه والنظائر": (المشغول لا يشغل، ولهذا لو رهن رهنًا بدينٍ ثم رهنه بآخر لم يجز في الجديد) (?).