القول الرابع: أنه مندوب لمن علم من نفسه الأمانة ومكروه لغيره، وهو مذهب الحنابلة (?).
أدلة مشروعية الوديعة (?) وجوازها:
قول الله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} النساء: (58)، وقوله - عز وجل -: ... {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} البقرة: (283)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» (?)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» (?)، فيلزم من الأمر بالأداء جواز الإيداع والاستيداع.
صورة المسألة: إذا أودعت زيدًا وديعة ليحفظها، فهل يجوز له أن يدفعها لغيره وديعة ليحفظها؟
تحرير محل النزاع:
أولًا: إذا أودعها عند من يحفظ ماله في العادة، كخادمه وزوجته، فإن هذا لا يدخل في الإيداع حقيقةً، وإنما يسمى إيداعًا تجوزًا، وإنما هو حفظٌ بالعقد الأول، وقد أجازه جمهور العلماء إذا لم يمنعه المودِع من ذلك وكان من يحفظ ماله أمينًا (?)، خلافًا للشافعية (?).
ثانيًا: إذا دفعها لمن يحفظ مال المودِع عادةً فإن هذا لا يدخل في الإيداع أصلًا، ولكن قد يشتبه به، بل هو من الرد فإذا كان مَن دفعه إليه أمينًا ولم يمنعه المودِع من ذلك فهو جائز عند