فيقومه بثلاثين ثم يقول: بعه بها فما زدت عليها فلك. فإن باعه بأكثر من ثلاثين بالنقد فهو جائز، ويأخذ ما زاد على الثلاثين، وإن باعه بالنسيئة بأكثر مما يبيعه بالنقد فالبيع مردود لا يجوز، وقد كان هشيم يحدثه بقريب من هذا التفسير إلا أنه كان يحدثه بغير لفظ سفيان بن عيينة، قال: حدثناه هشيم قال أخبرنا عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس: أنه كان لا يرى بأسًا أن يدفع الرجل إلى الرجل الثوب فيقول: بعه بكذا وكذا فما زدت فهو لك) (?).

خامسها: أنه جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه لا بأس أن يقول للسلعة: هي بنقد بكذا ونسيئة بكذا. ولكن لا يفترقا إلا عن رضا (?). أي رضا بأحد الخيارين، وفيه أنه قومها بالنقد ابتداءً فإذا اختار شراءها بثمن النسيئة يكون استقام بنقد وباع بنسيئة.

ثانيًا: إذا ثبت هذا فليس في التورق توكيل ولا مخالفة، كما أنه لا مقتضي لتحريم التقويم بالنقد والبيع بالنسيئة أصلًا، فإن كانت الكراهة في بيع النسيئة مطلقًا دخل فيه بيع الأجل بغرض الانتفاع والتجارة.

الدليل الرابع: أن التورق فيه المعنى الذي لأجله حُرم الربا مع زيادة الكلفة بشراء السلعة وبيعها والخسارة فيها، والشريعة لا تحرم الضرر الأدنى وتبيح ما هو أعلى منه (?)، والمعنى شغل ذمة المدين بالزيادة بلا مقابل، وهو الظلم الذي لأجله حرم الربا.

المناقشة:

أولا: المعنى الذي لأجله حرم الربا شغل ذمة المدين بزيادة الدين الأول بلا مقابل، وهذا يتضح بما يلي:

إذا أقرض شخصٌ شخصًا ألفًا على أن يردها ألفًا ومائة بعد شهر، فهذا من ربا الفضل والنسيئة، وفيه شغل ذمة المدين بزيادة على قدر الدين بمقدار مائة، بلا مقابل، وإذا اشترى سلعة بخمسين يدفعها بعد عشرة أيام، وكلما تأخر يومًا زاد عليه خمسًا، فهذا كذلك.

ثانيًا: ليس في التورق هذا المعنى، فالشراء من بائع إلى أجل في ما لا يشترط فيه التقابض، بلا زيادة في السعر مقابل التأخير بيعٌ جائزٌ، ثم المشتري يتصرف في السلعة بما يلبي حاجته ما لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015