عامة أهل العلم قد كرهوا البيع على هذا الوجه).

المناقشة:

أولا: الحديث ضعيف، ولا يتم الاستدلال به؛ لذلك.

ثانيا: قد بيَّن الخطابي قبل كلامه السابق أن بيع المضطر له وجهان، الإكراه والإلجاء إلى البيع، وهذا بيع فاسد، والاضطرار بسبب كالدين ونحوه، وهذا ينبغي أن يعان ولا يُبَايع على هذا الوجه، فإن اضطر وباع جاز ولم يُفسخ، ولم يقل بالتحريم في هذه الصورة.

ثالثا: ليس كل متورق مضطرًا.

الدليل الثالث: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (إذا استقمت بنقد وبعت بنقد فلا بأس به، وإذا استقمت بنقد فبعت بنسيئة فلا، إنما ذلك ورق بورق) قال ابن عيينة: فحدثت به ابن شبرمة، فقال: (ما أرى به بأسا)، قال عمرو بن دينار: إنما يقول ابن عباس: (لا يستقيم بنقد ثم يبيع لنفسه بدين) (?)، والبائع في التورق يبين للمتورق أن سعر السلعة كذا، وأبيعها لك نسيئة بزيادة كذا، فدل على أن مقصوده دراهم بدراهم.

المناقشة:

أولاً: معنى الأثر الصحيح: إذا وكلت شخصًا في بيعٍ، وحددت له الثمن نقدًا، وجعلت الزيادة له، فباع بها نقدًا فلا بأس، وإن زاد فالزيادة له، فإن باعه -من نفسه أو غيره بذلك الثمن أو أكثر- نسيئةً فلا خير فيه، ودليل هذا التفسير أمور:

أولها: قول عمرو بن دينار -وهو راوي هذا الأثر عن عطاء عن ابن عباس-: إنما يقول ابن عباس: (لا يستقيم بنقد ثم يبيع لنفسه بدين) فإن ذلاك الفعل مخالفة صريحة لعقد الوكالة.

ثانيها: قول عطاء-وهو راوي هذا الأثر عن ابن عباس-: في الرجل يدفع إلى الرجل الثوب فيقول: بعه بكذا وكذا، فما استفضلت فهو لك، قال: (إن كان بنقد فلا بأس، وإن كان بنسيئة فلا خير فيه) (?).

ثالثها: تبويب عبد الرزاق لهذا الأثر: (باب الرجل يقول: بع هذا بكذا، فما زاد فلك. وكيف إن باعه بدين؟).

رابعها: في "غريب الحديث": (قوله: (إذا استقمت) يعني قوَّمتَ، وهذا كلام أهل مكة يقولون: استقمت المتاع يريدون: قومته، فمعنى الحديث أن يدفع الرجل إلى الرجل الثوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015