ولا أرانا فيه مكروها ولا ... سوءاً من الأسواءِ ما طيرُ شدا
وتقدم السلطان إلى زبيد يوم الثالث من شوال فدخلها يوم الخامس من الشهر فأقام أياماً ثم تقدم إلى بلد المعازبة وكانوا على حذر منه. فلما علموا بمسيره إليهم زهدوا في الأموال وتعلقوا برؤوس الجبال فنهب العسكر بلادهم نهباً شديداً وحرقت قراهم وكان الوقت غير مساعد فرجع السلطان إلى زبيد ثم طلع إلى تعز في عشر ذي القعدة فأقام بها إلى آخر السنة.
وفي سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة وقع الحريق في زبيد أيضاً في ناحية السوق وكان نحواً من الحريق الأول فقلَّ من حرق في المرة الأولى وسلم في الثانية وقلَّ من سلم في المرة الأولى وسلم في الثانية فانضر به أناس كثيرون.
وفي هذه السنة استمر القاضي موفق الدين علي بن محمد بن سالم بالأعمال السهامية فأقام فيها بضعة وعشرين يوماً شملهم فيها بالآداب وعذبهم بأنواع العذاب فبلغ عمله إلى السلطان ففصله وأضافه إلى الطواشي أمين الدين أهيف فصادره مصادرة شديدة هلك فيها. وكان وفاته ليلة الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي هذه السنة ابطل السلطان في أيم الملك عن الرعية مصالحة العطب وكانت بدعة منكرة أبدعها بعض النواب في أيام الملك الأفضل فأبطلها السلطان وهي من مستحسنات فعله وأعفى أهل القرى من أهل وادي زبيد عن قبال نخل الأملاك السلطانية وكانت بدعة أحدثها بعض النواب أيضاً.
وفي شهر جمادى تقدم السلطان إلى تعز فأقام بها إلى آخر شهر شعبان ثم توجه إلى زبيد فدخلها في آخر شهر شعبان وصام شهر رمضان فيها. فلما انقضى شهر الصيام سار إلى بلاد بني ثابت فاستولى عليها ثم قصد بلاد الركب فتسلمها ثم سار إلى حصن بني عليّ وهو الذي يسمى حصن رأْس وهو في جبل عسر عال مشمخر. وكان قد كثر من أهله الفساد والعصيان والبغي والعدوان فلما قصدهم السلطان في التاريخ المذكور هربوا من الحصن وتركوه خالياً. فقبضه السلطان ورتب فيه رتبة