ثلاث مئين قتلهم لا حقيقة ... ولكن تقريباً لعلم المسائل
واحتز من رؤوس القتلى في هذه الوقعة اكثر من مائة رأْس وطلعت الرؤس إلى تعز وكان السلطان يومئذ بها وكسى الجماعة الواصلين بالرؤس وجرد السلطان عسكراً جيداً صحبة القاضي شهاب الدين أحمد بن علي بن قبيب والأمير بهاء الدين بهادر السنبلي وأمرهما بالتقدم إلى الجهات الشامية فسارا من تعز إلى زبيد ثم خرجا من زبيد يريدان المهجم فيمن معهما من العسكر فلما توسطوا بلاد الرماة اجتمعت العرب من كل ناحية عليهم وقصدوهم في جموع كثيرة فاهتزم العسكر وقتل ابن قبيب وكانت الوقعة في حد سهام وقد خرجوا من عواجه فحمل ابن قبيب وقبر في عواجه. واهتزم السنبلي إلى العامرية فأرادوا قتله فسار إلى بني معمة أصحاب بيت المدور ثم سار من بيت المدور إلى الزيدية وكانت الوقعة يوم الثلاثاء الحادي عشر من ذي الحجة من السنة المذكورة.
ولما علم ابن سمير وكان في المهجم كما ذكرنا بان السنبلي قد صار في الزيدية جمع جموعاً كثيرة وأرسل لطوائف العرب وقصد السنبلي إلى الزيدية يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من ذي الحجة من السنة المذكورة فخرج السنبلي إلى حصن منابر فأقام فيه أياماً ثم رجع إلى السلطان في طريق الجبل ورجع سائر المنهزمين إلى السلطان فكساهم وانعم عليهم وصرف لهم دوابَّ وسلاحاً.
وفي هذه السنة المذكورة توفيت الآدر الكريمة جهة الطواشي شهاب الدين صلاح والدة السلطان الملك المجاهد وكان وفاتها في مدينة تعز ودفنت في مشهدها المعروف هنالك. وكانت امرأَة سعيدة عاقلة رشيدة حازمة حليمة سخية كريمة ذات سياسة ورياسة وكرم نفس وعلو همة. ولما غاب ولدها السلطان الملك المجاهد في مصر وكانت غيبته عن البلاد أربعة عشر شهراً وهي القائمة في البلاد فضبطت البلاد وجمعت العساكر ولم يكن في ذلك الوقت الحسن احسن من تلك السنة خصباً وأماناً وعدلاً وإحساناً ولها آثار حسنة في الدين. وكانت تحب العلماء والصلحاء وتكرمهم وتجلهم وتعظمهم وكانت تدور بيوت الناس تتفقدهم بالعطايا الوافرة. وقل أن